ليست الأزمة الصحيّة وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية الصّعبة ما يشغل بال الجزائر فقط، بل هناك الوضع الأمني الخطير الذي يعيشه الجوار و الإقليم والذي بات يشكّل مصدر قلق كبير لبلادنا التي تجد نفسها، اليوم، محاصرة بحزام ناري من الأزمات يحيط بحدودها الشرقية، كما الجنوبية، ففي ليبيا، يصدح الجميع في العلن بالخيار السلمي والحلّ السياسي، لكن في الخفاء، نرى متكالبين كثر يعدّون العدّة لاستنساخ سوريا جديدة، والقول هذا ليس فيه من المبالغة أيّ شيء، فليبيا كما يعكسه المشهد الدراماتيكي هناك، ماضية بالفعل لأن تتحوّل إلى الذّبيح التالي بعد أن وقعت فريسة بين أيدي سفّاكي الدّماء الذين يتسابقون لشحذ سكاكينهم في انتظار ساعة الصّفر لتنفيذ المجزرة.
الوضع في الجارة الشرقية يزداد تعقيدا يوما بعد يوم، فمن يصبّ البنزين على عود الثقاب المشتعل أكثر من الذي يرشّه بالماء، لهذا تجد الجزائر نفسها في مهمّة صعبة حتى لا نقول مستحيلة لنزع فتيل الحرب التي تدرك جيّدا بأنّها ستكون أكثر المتضرّرين منها.
لكن للأسف الشديد، ليبيا لم تعد الوجع الوحيد في المنطقة، فدولة مالي التي انتكس بها الوضع السياسي والأمني، باتت هي الأخرى مصدر قلق وإزعاج للجزائر التي تراقب بحذر ما يجري هناك من صراع محموم على السّلطة، ومن تنامي غير مسبوق للنشاط الإرهابي.
لقد ظلّت الجزائر حريصة على استقرار الجارة الجنوبية لإدراكها بأن أمن مالي من أمنها، و باشرت وساطات عديدة لتبديد الخلافات التي تنشب بين الفرقاء هناك، و نجحت أكثر من مرّة في تتويج وساطاتها باتّفاقيات للسّلام، آخرها «اتّفاق السّلم و المصالحة» الموقّع عام 2015، لكن للأسف الشديد الوضع سرعان ما يسوء من جديد لتفتح أبواب جهنّم على المنطقة بأسرها، ما يضع الجزائر أمام تحدّي كبير، يحتاج أمنيا إلى رفع مستوى اليقظة والجاهزية لمواجهة أيّ طارئ ، وسياسيا، إلى مزيد من العمل الدبلوماسي لتفكيك القنابل الموقوتة المزروعة هنا وهناك، ومواجهة الذين يعملون على كسر مجادفها وإجهاض كلّ مساعيها ومبادراتها السلمية.
ورغم صعوبة المرحلة وشدّة المخاطر، فالجزائر مصرّة على مواجهة كلّ التحديات التي تعترضها سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.