«بوسفر»..واحدة من أهم البلديات الساحلية في وهران بموقعها الجغرافي المميّز ومقوّماتها الطبيعية الفريدة، وما تحتكم عليه من بنيات تحتية سياحية، تمتد على طول شريطها الساحلي الذي يتكون من سبع شواطئ هامة وهي الشاطئ الكبير، كوراليز، بومو، النجمة، وشاطئ بوسفر الذي يتربّع على ثلاث شواطئ، لكن كل هذا لم يشفع لها لتكون بمنأى عن المشاكل والنقائص، إذ يعاني سكانها من مشاكل عدة أرهقت يومياتهم. «الشعب» تنقل انشغالات سكان بوسفر السياحية.
نقلت منظمة المجتمع المدني والمنظمة الوطنية للمجتمع المدني وترقية المواطنة لبوسفر عبر منبر جريدة «الشعب» عدة انشغالات ومشاكل لا تزال تحت الظل، وازدادت حدّة مع تردّي الأوضاع وارتفاع سقف المطالب، مدعمّة بتعليمات صارمة أسداها الرئيس تبون لإحداث نقلة نوعيّة وتنمويّة في جميع المناطق المهمشة والمقصية.
تعثّر المشاريع السّكنية
تطرّق محدّثونا إلى عديد المشاريع القديمة المتوقفة ببلدية بوسفر التابعة لدائرة عين الترك، لتضاف إلى قائمة المشاكل المطروحة في مختلف المجالات، ويأتي على رأسها التأخر الفادح في وتيرة أشغال إنجاز مشروع 500 سكن ببلدية العنصر، رغم تعليمات والي الولاية في شهر جانفي المنصرم بضرورة الإسراع في التهيئة الخارجية، مع ضرورة إنجاز ابتدائية وثانوية ومسجد، إلا أن الأشغال لم تنطلق لحد الساعة، وفق ما أشير إليه.
واستنادا إلى نفس المصادر، عدد طلبات السكن في تزايد مستمر، خاصة وأنّ مشروع سكنات الترقوي المدعم LPA يراوح مكانه، ما جعلهم يلتمسون من السلطات حصص إضافية بالنسبة للسكن الإجتماعي، وسط أزمة سكنية خانقة، تسببت في مشاكل إجتماعية وضغوطات نفسية كبيرة.
وأشاروا في هذا الصدد إلى مشكل بناء الريفي الذي لم يرى النور منذ 2012، وهذا راجع حسبهم لمشاكل إدارية عرقلت المشروع، ولم تقف سياسة اللامبالاة عند هذا العدد بل تعدّتها لتشمل عقود 15-08، حيث تمّ رفض عديد الطلبات المتعلقة لأسباب متعددة، وهي الآن موجودة على مستوى لجنة الطعون، حسب ما أشير إليه.
يحدث ذلك مع توسع حظيرة السكن الفوضوي بإقليم البلدية التي تحصي أكتر من 4 مجمّعات سكنية، ينتظر قاطنوها حقهم في سكن لائق يحفظ كرامتهم، داعين الجهات المعنية إلى التدخل العاجل من أجل إيجاد حل لهذه المشكلة وإنهاء معاناة دامت سنوات طويلة، عايشوا خلالها كل الظروف القاسية.
كفاح من أجل الغاز، الطرق والإنارة العمومية!
لا يزال عشرات السكان يكافحون حتى يومنا هذا أملا في ربطهم بشبكة الغاز، جراء المشكل الحاصل بين شركة سونلغاز والمقاولين، والذي عرقل مواصلة العمل المتبقي في كثير من الأحياء ببلدية بوسفر، ما جعلهم يعتمدون على الوسائل البدائية في الطهي والتدفئة ومختلف الأشغال الأخرى.
وجدّد سكان أحياء عمر بن الخطاب وحي، علي بلمخطار والزهور مطالبهم عبر فعاليات المجتمع المدني لبوسفر بضرورة صيانة الشوارع والطرقات، والتي مازلات حتى يومنا هذا مهترئة تنتظر التعبيد، إضافة إلى إهمال وعدم صيانة بعض الأشطر المهترئة، جراء أشغال الربط بالغاز أو مختلف العمليات التي تشرف عليها مؤسسة المياه والتطهير «سيور»، متسبّبة بذلك في صعوبات خاصة لأصحاب المركبات.
كما اشتكوا نقص الإنارة العمومية في بعض أحياء بلدية بوسفر، وبعض أحياء قرية فلاوسن، ولا توجد إطلاقا في الكثير من الأحياء، وهذا ما يصعب مهمة السكان في التنقل ليلا والطريق، على غرار الطريق الرابط بين بوسفر وبوسفر شاطئ وطريق بوسفر وقرية فلاوسن رغم وجود أعمدة كهربائية.
هشاشة الوضع الصحي تؤرق السّاكنة
بخصوص التغطية الصحية، تطرّق محدّثونا إلى هشاشة الوضع الصحي، الذي يتمثل في ضعف التغطية الصحية والخدمات المقترحة بقاعة العلاج التي لا تلبي حاجات المواطنين الحقيقية، خاصة وأنه يتم غلقه قبل الساعة 16، وكذا نهاية الأسبوع، هذا ما يلزم سكان المنطقة إلى التنقل وقطع مسافة لتلقي العلاج إلى العيادات المجاورة بالعنصر وعين الترك.
وندّدوا بالغياب التام لأدنى الخدمات المقدمة بمستوصف الشهيد «برحو الشيخ» بقرية «فلاوسن»، بسبب الغيابات المتكررة للطبيب العام وندرة اللقاحات الخاصة بالرضع وعدم تواجد مكان مخصص للانتظار، إضافة إلى غياب الأمن وسيارة الإسعاف، وذلك في إنتظار دراسة وبداية مشروع عيادة متعددة الخدمات بجانب المستوصف الحالي (الحماية المدنية سابقا)، منوهين إلى أنّ آخر المعطيات، تؤكّد أنه «تمت الموافقة على هذا المكان من طرف رئيس الدائرة بمعية اللجنة الولائية».
استنادا إلى نفس الجهة، لا يزال السوق الجديد إلى حد الساعة مغلقا ومهجورا، ولم يتم توزيعه وتفعيل النشاط به، حيث تم الإنتهاء من جميع أشغال المشروع منذ مدة، ولحد كتابة هذه الأسطر لم يتم توزيعها ومنحها لمستحقيها.
غياب شبه تام للمرافق الرّياضية والشبانية
كما طرحت الكثير من التساؤلات وتجاذب كثير من التأويلات حول التأخر الفادح في أشغال إنجاز دار الشباب، إذ مازالت الأشغال جارية به لحد الساعة، في الوقت الذي تعاني فيه قرية فلاوسن وبلدية بوسفر عامة من نقص حاد في المساحات الخضراء والمرافق الترفيهية والرياضية، على غرار ملعب بلدي كبير وقاعة متعددة الرياضات، فيما يتواجد ملعب جواري واحد بقرية فلاوسن، والأدهى والأمر رغم إنتهاء مشروع المكتبة البلدية، مند مدّة، إلا أنها لم تفتح أبوابها لحد الساعة.
مطالب بمعالجة اختلالات قطاع التّربية
من جهة أخرى، أكّد محدّثنا على ضرورة التعامل بشكل جدي مع الإختلالات التي يعاني منها قطاع التربية والتعليم، حيث لا يزال سكان حي «ابن سينا» في انتظار مشروع إنجاز مدرسة إبتدائية، رغم وجود مساحة مخصصة لها، فيما يطرح بشدة مشكل الإكتظاظ بقرية «فلاوسن»، التي تتوفّر على مدرستين فقط دون تهيئة، وذلك بمعدل 45 تلميذا في القسم الواحد رغم الكثافة السكانية بالمنطقة.
ويعاني تلاميذ المدرسة الإبتدائية «بوكوسة محمد حي واديت» غياب الإطعام المدرسي، كونها تضم تلاميذ يقطنون خارج البلدية، على غرار مزرعة بن عمر بوبكر، ومزعة النقيب مصطفي، ونفس المشكل يطرح بالنسبة لتلاميذ الأطوار الأخرى، رغم وجود مطعم على مستوى ثانوية بن عمر سعيد.
تأكيدات على ضرورة تعزيز التّغطية الأمنية
لم تتوقّف المشاكل عند هذا الحد، إذ نجد أنّ قرية فلاوسن لا تتوفر على مركز للأمن، وهذا ما جعلها نقطة سوداء لتفشي ظاهرة السرقة والآفات الاجتماعية، وخاصة بين الأطفال والشباب، علما أن عدد السكان في تزايد مستمر، ويتجاوز عدد حاليا 14000 نسمة، مما يجعله مطلبا ضروريا، في الوقت الذي ينتظر فيه سكان بلدية بوسفر استلام مشروع الأمن الحضري ببوسفر الذي انتهت به الأشغال حاليا.
تنديد بإقصاء فعاليات المجتمع المدني
تزداد المشاكل حدة وتتكاثر النقائص بسبب إقصاء فعاليات المجتمع المدني من برنامج الخرجات الميدانية للجان، التي تم تنصيبها على مستوى الدائرة في إطار التكفل بمناطق الظل ذات الأهمية البالغة في المسار التنموي الوطني والمحلي، حسب تأكيدات منظمة المجتمع المدني والمنظمة الوطنية للمجتمع المدني وترقية المواطنة ببوسفر.
كما تطرّق محدثونا في سياق متصل إلى حالة «الانسداد» على مستوى المجلس الشعبي البلدي، ما يتسبب في تعطل مصالح المواطنين، داعين إلى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في حق هذه الهيئة المنتخبة التي ترفض الجلوس على طاولة الحوار والتفاهم من أجل غايات ومصالح شخصية ضيقة.
وعلى ضوء ذلك، طالب سكان قرية «فلاوسن» بتنصيب مندوب بالملحقة، لاسيما وأن شعور هذا المنصب بسبب «الانسداد»، أثّر سلبا على تنظيم المندوبية البلدية والخدمات المقدمة ونوعيتها، حيث وجدوا أنفسهم مجبرين على التنقل إلى بلدية «بوسفر»، لاستخراج شهادة الميلاد، كمثال، إلى جانب المشاكل والنقائص السالفة الذكر، والتي ترجع أساسا إلى قلة الموارد المالية، والاعتماد بشكل كلي على إعانات الدولة.
مطالب بإعادة استغلال المرملة
يعتقد بعض العارفين بشؤون المنطقة، أن القضاء على ذهنية الاتكال على الدولة لتنمية البلديات وتحسين ظروف المواطنين، يتطلب تغيير الذهنيات التي تسيّر المجالس المنتخبة، داعين في الوقت نفسه أعضاء المجلس البلدي لبوسفر إلى الجد والاجتهاد والمثابرة في خلق الثروة، ودعم خزينة البلدية التي تعاني فقرا وعجزا كبيرين.
وطالبت مصادرنا بإعادة تنشيط «مرملة» بوسفر، التي كانت تدر على البلدية أموالا طائلة قبل سنة 1990، قبل أن يتم إيقافها وتحويلها في سنة 2015 إلى مستثمر خاص، استغلها في بيع الرمال في إطار الاستثمار الفلاحي، وذلك قبل إيقافها مرة أخرى، عقب دعوى رفعتها جمعيات بيئية في صائفة 2017، جراء عملية استغلال واستنزاف حادة للثروة الطبيعية، والمتمثلة في الشريط الكثباني الساحلي والمصنّف كمنطقة محمية ومهددة، وذلك بالرجوع إلى قانون حماية الساحل 02/02، باعتبارها موطنا لفصائل متنوعة من الحياة البرية، والتي تتضمن نباتات وحيوانات طيور نادرة.
وعلى ضوء ذلك، دعا محدثونا إلى إعادة تنشيط هذه «المرملة»، مع تحويل تسييرها للبلدية وليس للاستثمار أو الخواص كما كان معمول به خلال المدة الأخيرة، منوهين إلى أهميّة هذه العملية في دعم البلدية بمداخيل إضافية سريعة لمواجهة الضغوطات المالية التي تواجهها الخزينة في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، خصوصا مع ارتفاع سقف مطالب المواطنين المتنامية في المناطق المهمّشة أو ما يطلق عليها «مناطق الظل».