جميل جدا أن نتجه نحو الإعلام الإلكتروني، الذي فرض نفسه فرضا، ولم ينتظر ردا على استئذان بالدخول إلى الباحة الخلفية للمشهد الإعلامي، وسرعان ما كبُر الوافد الجديد، دون حاجة إلى مُكملات..
ولا حتّى إلى قانون ينظّم شؤونه، طالما أن هذا النوع من الإعلام، لا يحتاج تصريحا بالمرور، في زمن المنصات الرقمية ومواقع التواصل الإجتماعي، التي أنتجت رديفا للصحفيين، دون بطاقة مهنية، وفرضته على قاعات التحرير، تحت مسمى «الصحفي الإفتراضي»، الذي ينقل الواقع دون ماكياج، ويطرح مواضيع دون مقدمات تقليدية، وديدنه في ذلك: إذهب إلى الهدف رأسا، ولا تلتفت إلى الشكليات.. وفنيات التحرير!
هذه الطريقة في تعاطي المواطن مع الخبر والمادة، التي نسميها إعلامية، في زمن آيفون وفايسبوك وتويتر وأنستغرام، ويوتيوب، وغيره، سحبت من أهل المهنة عاملا من فواعل صناعة الإعلام تقليديا، هو الوقت، طالما أن الرسالة الإعلامية التي كانت «تظهر» بعد 24 ساعة في الصحف الورقية، وبعد ساعات في الإذاعة والتلفزيون، لم يعد وقت مرورها إلى المتلقي يتجاوز الدقائق المعدودات، إن لم نقل لحظات، مع جيل رقمي يتفاعل مع أدق التفاصيل والإنشغالات وينقلها في زمن قياسي، لا يشعر به الضالعون في «الإعلام التقليدي»، وهم يكتبون خبرا، لوت التكنولوجيا عُنُق وقته وقتلت فيه عامل المفاجأة ومتن الموضوع، حتى استطال عُمرُ الرسالة الإعلامية بين الخبر والمتلقي، وهو ما يفسر، في مكان ما، نفور الجزائريين من الصحف، وتدني حجم مطبوعاتها في وقت قصير..
إعلام زمن السرعة الرقمية يتفوق على ما سواه من تجارب سابقة، وحالية، في الصحافة المكتوبة والسمعي البصري (الذي أُجبر على التوجه نحو المباشر، والتخلي على «المسجل» تدريجيا، وغيره).
إنه إعلام يتوسع أفقيا وعموديا، ولا يترك مجالا لمن تعودوا الكتابة بـ»ممهلات» تعيق إنسياب المعنى وسلاسة الكلمات، مثل «وأمام هذا الوضع»، و»إلا أنه»، وثلاثية «قال وأضاف وأكد»، التي يجتمع فيها ما لا ينبغي التقاؤه، في آن، كالقول المردود عليه.. والتأكيد النابع من فعل قوي في التوظيف الإعلامي (أكد).. وفي ذلك تحدي مزدوج لمن يرغبون في العبور إلى الرقمية، ومن ينتظرون «ترسيم» المشهد الإلكتروني..
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.