بدأت معالم انفراج الأزمة الليبية تلوح في الأفق بعد إعلان رئيس حكومة الوفاق فائز السراج تسليم السلطة للجنة تنفيذية تنبثق عن الحوار السياسي نهاية شهر أكتوبر القادم في جنيف، وهي خطوة جد هامة جاء الإعلان عنها في ذكرى رمزية لدى الشعب الليبي وهي تاريخ استشهاد شيخ المجاهدين عمر المختار الذي أعدمه الاستعمار الإيطالي شنقا بعد أن مرّغ أنفها في رمال الصحراء.
لم تكن خطوة السراج متوقعة رغم تسريبات إعلامية سبقت إعلانه الرسمي بيوم واحد، غير أن ما كان متوقعا هو إقدام حكومة الوفاق التنازل عن المصالح الشخصية وجعل مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.
يقول المثل في “الشدة تعرف الرجال”، أعتقد أن الليبيين أدرى وأعلم بشؤونهم لكن من باب قول “للمحسن أحسنت” تعتبر خطوة السراج بما لها وعليها هامة لحقن دماء الليبيين وتسريع وتيرة الحوار نحو إنهاء أزمة أرهقت الداخل والخارج معا!
صحيح أن الحوار السياسي يقتضي التضحية للوطن. لكن السؤال المطروح هل سيضحي قائد الجيش الليبي الجنرال خليفة حفتر بمنصبه لإنهاء حرب طاحنة ضروس منذ قرابة عشر سنوات، لمنح الشعب آخر فرصة لإرجاع هيبة ليبيا وتضميد جراحها ولم شتات المواطنين هنا وهناك، حتى تستعيد البلاد مجدا صنعه أسد الصحراء عمر المختار، الذي قال ذات يوم “ نحن لا نستسلم ننتصر أو نموت”، تاركا وصية نصر لجيل اليوم ينتظر من حكامه الصلح والتصالح وفتح صفحة جديدة لكل الليبيين.
سؤال يبدو صعبا الإجابة عليه في الوقت الراهن لكن عقارب الساعة تتسارع ولا وقت لإضاعته في التفكير، مصلحة الوطن أغلى من النفس والنفيس، والشعب الليبي الشقيق من بنغازي غربا إلى طرابلس شرقا تشرئب نفوسها لرؤية ليبيا جديدة واحدة موحدة في كنف العزة والاستقرار بعيدا عن دائرة استعمار جديد يكرس الحماية لطرف على آخر باسم حماية المواطنين وحقوق الانسان.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.