يكسب مشروع تعديل الدستور قوة بالنقاش المفتوح مع أهل الاختصاص، الذين يجتهدون في إعطاء قراءة متأنية عن خلفيات المراجعة، وبعد دلالتها ومغزى الإصلاح السياسي الذي يعد حالة استعجال في مسار التجدد والتقويم ومنطلق البناء الوطني.
تبدو مداخلات فقهاء القانون الدستوري ومتتبعي الشأن الوطني العارفين بصيرورته، ضرورية في اطلاع المواطن التواق لمعرفة أدق التفاصيل عن المشروع التمهيدي، الذي يراهن عليه في مسعى التغيير الشامل لمنظومة الحكم والممارسات الديمقراطية التي تستند إلى قاعدة الرأي والرأي المخالف.
لهذا تبرز أهمية مداخلات الخبراء وتفسيراتهم لمضامين نصوص ومقترحاتهم بشأن التسيير الأنجع لدواليب الحكم وإدارة شؤون الرعية. تظهر هذه المداخلات المتحررة من النمطية، أكثر من ضرورة للوقوف على حقائق التغيير المنشود الذي تمثل ورشة تعديل الدستور أولى منطلقاته، في وقت تتعالى فيه أصوات تروج لمغالطات عن مسعى المراجعة، ولا تعرض بدائل لنصوص ترى أنها لا تلبي روح التحول، ولا تستجيب لمتغيرات الراهن السياسي وتحدياته.
هذه المقاربة والنظرة السلبية للتعديل لا تخدم التوافق السياسي وتباري الأفكار و»ديالكتيك» مقاربات البناء الوطني المستند إلى منظور «لا إفراط ولا تفريط» والممهد لأرضية لدستور توافقي الطلب المنشود والغاية المرتقبة.
رأينا هذا في مداخلات عبر منابر إعلامية ووسائط اجتماعية، حيث تردد مواقف ورؤى تروج لأفكار مسبقة ترفض كلية فكرة المراجعة بدل التركيز في النقاش على مضامين نصوص دستورية ثرية تشدد على تحديد العهدات الرئاسية، الفصل بين السلطات وترقية الرقابة التشريعية.
هذه المداخلات غير المنصفة لإرادة التغيير، المستندة إلى قاعدة « خالف تعرف» والمطبقة للمثل» أنا وحدي أملك الحقيقة»، هي التي تشوه المراجعة وتمنحها مفهوما غير مفهومها.
تناست هذه الرؤى ان بفضل النقاش المفتوح، نصوص عدلت وأخرى أزيلت، منها عدم استحداث نائب رئيس الجمهورية الذي ورد في المسودة الأولى التي أعدتها اللجنة المعنية. هذا معطى ثابت تترجم حقيقة الإرادة السياسية في إشراك الفعاليات السياسية وغير السياسية في اعتماد دستور يؤسس لنمط جديد في أسلوب الحكم ويحصن البلاد من أي طارئ أو عاصفة.