لماذا يتعلق الجزائري بالمتغيّر وليس بالثابت، في الغالب، ويركز على الآني وليس على الإستقرار، ويستثمر في الكماليات وليس في الضروريات، ويجري خلف سيّارة جديدة، مثلا، لا خلف سكن يُلملمُ «شتاته»، العالق بين خيبات الماضي وما يريده مستقبلا، يتحدث عن «العالم» ولم يقرأ كتابا، ويُفتيك في علاج كورونا، وهو يغرز أصبع الجراثيم في منخر الصحة؟
قد لا نجد لهذا السؤال بتمفصلاته العديدة، التي تختصر «كينونة» جزائري بسيط، إجابات شافية كافية تامة، طالما أن الحياة الحديثة سحبت منه منعكسا شرطيا مهما، في قالب سؤال مرحلة ما في حياته، هو: «ماذا أريد بالضبط، وما هي أولوياتي؟».
هو سؤال قد يُطرح، أيضا، على الجماعة، وقد تطرحُه جمعية أو حزب أو مؤسسة اقتصادية، إن لم يكُن من واجب هذه الأطراف جميعا طرح السؤال من باب مراجعة ما تم، وما جرى تنفيذه، وتعديل الدفّة تحسبا لمستقبل يُحب استطلاع الآتي والتحضير له بجدية واستشراف، لا تحريك «مرميطة الماضي»، في كل حين، بطريقة توحي بتكلّس ما في الإدراك، وجمود في التعامل مع الحاضر والمستقبل.. وألعن من هذا النكوص والانغلاق على الذات والبكائيات المتجددة على أطلال الماضي، و»كان أبي..».
العلوم الإنسانية والاجتماعية وحتى التنمية البشرية تقول لك من الصعب جدا أن تنتقل من وضع إلى وضع، دون مجهود وتخطيط واكتناز واحتياط وتذليل للعقبات، وأصعب منه أن تحافظ على المكتسبات إن لم يكُن باستطاعتك إدارة ما تنوي تنفيذه، بالشكل الذي يُسوّق لفكرة وإنتاج أو استثمار أو حتى تضامن فريد من نوعه، في زمن كارتلات عالمية تتحكم في مدخلات ومخرجات الحياة العامة، تنزع منّا الخصوصية والفرادة، وتزرع فينا «الشكل واحد» و»الرؤية بعين واحدة»..
التخطيط للمستقبل، وإعادة النظر في الذي سبق، مع مراجعات خفيفة أو عميقة للحاضر والماضي، يفرض نفسه، على طريقة الياباني كفرد وجماعة.. أو يُطُرح من باب التغيير، والعبور نحو التخطيط في العائلة والمجتمع والشأن العام بشكل توافقي، يذيب الآخر في الجماعة، ويُقدمُ الفرد عليها متى ملك أسباب الريادة.. وتلك رؤية بعينين تُفضي إلى «الصورة الكبيرة» كما يقول الأمريكان.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.