للدينار وجه مالي، وآخر سلطوي، وبينهما حكايات وحكايات أشهرها جرارٌ يمثل ثورة زراعية لم يكتب لها النجاح، مثلما تصور صاحبها، الراحل هواري بومدين.
من يتأمل تاريخ الدينار سيجد أنه حمل آمال البلد وخيباته، استقلاله وثوراته، من ثورة التحرير التي ترافقه بروحها دوما، إلى الثورة الزراعية والصناعية، وحتى عهد الانفتاح الشاذلي الذي كساه بصور جديدة، عليها مواد من قانون العقوبات، تحذر من تزوير العملة، الذي صار عنوانا كبيرا في الصحافة الوطنية منذ سنوات، ثم عهدا كثُر فيه الحديث عن الدولار، لا عن قيمة الدينار، التي وجدت نفسها تحت رحمة تصنيف «السكوار» في «تقييمه» الجُزافي للعملات، وحسب الفصول، والأحوال الجوية في البلد!.
عندما كان الدينار عملة منغلقة على نفسها، أيام تحكم الدولة في التجارة الخارجية، كانت قيمته أعلى من الفرنك الفرنسي والسويسري، ناهيك عن الدولار، لكن «مكانة» العملة الوطنية لم تكن مكانة تجارية، بقدر ما كانت سياسية، أعطت لمؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، الأمير عبد القادر، مكانا في العملة الورقية، لكن الانفتاح على التجارة الخارجية منذ الثمانينات صيّره «كلمة سر» مخفية عن الأنظار، وعصية عن عبث المزورين.
في هذه تحية لمن غرز الأمير في الشريط اللامع، ومن رسمه شفافا بين طيات العملة الورقية بفئاتها الكثيرة، ذلك أن الدينار ورغم تغيير دفة السياسة من الاشتراكية إلى الليبرالية، حافظ على هويته إلى حد كبير، وزادت هذه الهوية بروزا مع إقرار عودة التاريخ إلى واجهة الدينار، أخيرا، مع القادة التاريخيين الستة، الذين كانوا سببا في تفجير الثورة التحريرية.
الدينار اليوم بحاجة إلى من يُخرجه من المثل الشعبي القائل «مهما علا الأورو والدولار يشتريهما الدينار»، إلى باحة إصلاح مالي عميق، يبدأ بقانون القرض والنقد، الذي غيّرته حكومة سابقة لأحمد أويحيى، وفتحت به باب «طبع النقود»، الذي أضاع فيه الدينار ما بقي له من هيبة، في زمن جفاف الموارد المالية المتأتية من الحيض الجيولوجي، وتراجع قيمة الدينار المتتالية منذ الثمانينات.. هي ورشة قد تعيد للدينار توازنه، وللأجور قيمتها، وللقدرة الشرائية مكانتها..