مازالت الفرصة قائمة أمام العديد من الحكومات العربية لخوض إصلاحات جدية وعميقة تلامس تطلعات شعوبها، وتطفئ جذوة غضب المحبطين والمتذمرين الذين يقلقهم انعدام الأمن الاجتماعي ومدفوعين بالاستياء من البطالة والفقر وخناق ضيّق هوامش حرية التعبير.
الحكومات وحدها بيدها الحل والربط لمنع أي انزلاق للاحتجاجات نحو نفق الفوضى.. من خلال استخلاص الدروس من تجارب دول دمّرها الانفلات الأمني ونسفت الخلافات والفرقة والأطماع استقرارها وتماسك بنيتها التحتية والاجتماعية.
ما آلت إليه سوريا يؤلم القريب والبعيد، والسبب انحراف الخلافات وتحوّلها إلى صراع دموي مقيت، هدد بنسف جزء كبير من أراضيها ، سوريا عصف بها الدمار وعبث بسلامتها الإرهابيون الذين حاصروها مثل الذئاب الجائعة، والخوف اليوم كل الخوف من قوى الشر الخارجية التي باتت تسعى بخبث لتفتيتها بعد تشريد شعبها الطيب، مستغلة وضعها البائس وانقسام صفوف أبنائها.
يمكن لفترة الوباء والحجر أن تكون محطة فارقة للحكومات والقادة والمسؤولين، تستغل في إعادة شحن ثقة الشعوب وبناء لحظة التحول التي ينتظرها الجميع، لتفادي تغذية الأسباب التي أشعلت الشرارة الأولى للاحتجاجات الشعبية، لذا مختلف المؤسسات سواء كانت الحكومة أو البرلمان أو الأحزاب السياسية، مطالبة بتقليص الفجوة بين الحاكم والمحكوم، من خلال الانتصار بجدية للمطالب الشعبية التي رفعتها في احتجاجاتها.
المحتجون في العراق ولبنان الذين أدخلتهم كورونا إلى بيوتهم، لن ينسوا مطالبهم، والدليل على ذلك استذكار العراقيين في وقفة خاصة تاريخ اندلاع أول شرارة غضب لحراكهم الشعبي، بعد مرور سنة كاملة على رفضهم للواقع التعيس الذي خلفته رحى حرب لعينة، أفرغت بلدهم الغني من الأمن والاستقرار وأدخلتهم في دوامة أرهقت أبناء بلاد الرافدين.
لا ينبغي أن ينظر إلى مطالب الشعوب بعين القلق أو يتم تجاهلها، ولا تواجه بالقمع أو الازدراء، فعلى المسؤولين إدراك حقيقة أننا صرنا نعيش مرحلة جديدة مصيرية مختلفة تماما عما سبق، ارتفع فيها الوعي العربي بجيل تأثر بالتطور الرقمي وانسجم في ثورة الأنتريت الرهيبة.