هناك في عالم اليوم مشكلة عويصة ينبغي حلها. هناك من جهة حثّ على دمقرطة مجتمعات الدولة داخليا وإطلاق الحرية فيها، ولكن هناك من جهة أخرى رفض منظم لكل دمقرطة للمجتمع الدولي.
نحن في الجزائر سبق وأن عملت النخبة في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين على انتزاع إصلاحات وتحولات عميقة في العلاقات الدولية كلية وفي مجال العلاقات الاقتصادية بالخصوص. لقد قال الرئيس بومدين يوما: «لم نكن موجودين يوم وضع هذا النظام العالمي (الأمم المتحدة ونظام بريتن وودز)، واليوم نحن موجودون ونطالب بحقنا في هذا العالم». ونذكر أن الجزائر ناضلت في الكثير من المحافل من أجل بناء نظام اقتصادي دولي جديد. للأسف الشديد سارت الأمور في اتجاه عكسي، لاسيما بعد سقوط المجموعة الاشتراكية وانتهاء الثنائية القطبية، وهو ما جعل الرأسمالية العالمية تزهو بما اعتبرته انتصارا تاريخيا، بل وانتصارا نهائيا ليس على الاشتراكية فقط بل على كل ما يخرج عنها وعلى كل ما ينافسها.
جاءت الأحادية القطبية وابتعد الأمل في نظام دولي جديد وفي نظام اقتصادي دولي جديد بالخصوص، ونحن اليوم نرى مؤشرات قوية تدل على أن الأحادية القطبية تتراجع لصالح تعددية قطبية من شكل جديد تماما.
الأحادية القطبية منعت كل دمقرطة للمجتمع الدولي وفرضت منطقها ومصالحها وفرضت أنظمة وتنظيمات جعلتها مرجعية كل شيء، إلى غاية الأزمة المالية لسنة 2008، حيث تبين أن الرأسمالية صارت مشكلة وأن «الدولة»، (نظريات ليبرالية تعتبر تدخل الدولة ولو للضبط مشكلة وانسحابها حل)، لم تكن هي المشكلة بل ثبت أنها الحل.
تفاقمت مشاكل عالم اليوم زادت الضبابية توسعت النزاعات من ألوان كثيرة، اقتصادية تجارية مالية ونقدية، عالم ونظام عالمي نراه يتفكك ويتلاشى تدريجيا ونظام جديد لا نتبين بعد ملامحه. أما دور هذه الرقعة الجغرافية، سواء اقتصرنا على بلدان المغرب أو تحدثنا عن كل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإنه في حاجة ماسة اليوم لإعادة بناء عوامل قوته وتنظيمها لكي تجد لها مكانا ومكانة في هذا النظام العالمي الجديد.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.