في مثل هذا اليوم من العام 1961 شهدت العاصمة باريس أحد أبشع المجازر التي اترتكبتها شرطة باريس برئاسة السفاح موريس بابون ، الذي أعطى أوامره بقمع الجزائريين الذين خرجوا في مسيرات سلمية منددة بالقرار العنصري القاضي بفرض حظر التجوال في حقهم دون سواهم ؟ و النتيجة كانت المئات من القتلى و الجرحى من بينهم ضحايا تم إلقاؤهم أحياء في نهر السين مكبّلي الأيدي ليستشهدوا غرقا ؟ غير أن مناورة بابون لخنق حركة و نشاط مناضلي جبهة التحرير و فيديرالية فرنسا داخل الأراضي الفرنسية باءت بالفشل ، لأنّ الرد كان أقوى و أذكى من طرف جبهة التحرير حين دعت آنذاك الجزائريين الى الخروج في مسيرات سلمية و كسر حظر التجوال الذي فرضه محافظ شرطة باريس بهدف محاصرة نشاط مناضلي الجبهة بعدما نجح الجزائريون في نقل الثورة إلى أرض العدّو و هي خاصية انفردت بها ثورة نوفمبر المجيدة باعتراف الجنرال (جياب) مهندس هجوم – ديان بيان فو – الذي قال في إحدى زياراته إلى بلادنا ” إن الثورة الجزائرية هي الوحيدة التي استطاعت نقل معركة المواجهة إلى أرض العدّو “.
الأكيد أنّه وبعد مرور 59 سنة على مجازر 17 أكتوبر 1961 ماتزال قضية الإدماج مطروحة في فرنسا و مازال الجيل الثالث من أحفاد المهاجرين ينظر اليهم على أنهم فرنسيين لم يبلغوا نصاب المواطنة بعد ؟ ! و كيف لا و التصنيفات لا تزال عملة متداولة بكثرة في فرنسا و اللغة و المعايير يتغيّران حسب المواقف و الظروف و إلا كيف نفسّر أنه عندما ينفّذ فرنسي من أصول جزائرية أو أي كلن من أصول غير فرنسية أعمال عنف أو تخريب تصبح جزئية “الأصول” مهمة و تكتبها الصحف الفرنسية بالبنط العريض و بعدما تكون قد كرّرتها و اجترتها وسائل الإعلام المرئية و السمعية ، بينما عندما أحرز فرنسي آخر من أصول جزائرية هدف تتويج فرنسا بكأس العالم يكتفون بأنه فرنسي و تفتخر به الجمهورية ، مع العلم أن كلايهما ولدا و ترعرعا هناك في ما يسمى بـ “الضواحي” التي تظل شاهدة على جمهورية تسير بسرعتين رغم أنها ترفع شعارات ، الحرية ، العدالة و المساواة ؟ !