في شهر أكتوبر من كل سنة تشد أنظار شعب الصحراء الغربية إلى أروقة الأمم المتحدة بنيويورك، وبالضبط على مجلس الأمن الدولي الذي يناقش في هذا الشهر سنويا تقرير الأمين العام للمنظمة الأممية حول آخر مستعمرة في القارة السمراء، لكن هذه السنة تختلف تماما عن سابقاتها بالنظر إلى معطيات جديدة وسياق مختلف حول النزاع الذي يتجاوز عمره 40 عاما.
في السياق تعقد جلسات مجلس الأمن لأول مرة وسط مخاوف بشأن انتشار وباء «كوفيد 19»، الذي يخيم على المشهد العالمي منذ ظهوره أواخر السنة الماضية في الصين، وانتشاره عبر أرجاء المعمورة، هذا المؤشر هو أولى المعطيات الجديدة التي ستطغى على جلسات المجلس الأممي حول الصحراء الغربية بالنظر إلى تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي، وكذا الصحي في مخيمات اللاجئين الصحراويين.
المؤشر الثاني ضمن السياق الدولي هو انحياز الأمين العام للمنظمة الاممية إلى المغرب في تقريره الأخير الصادر في 23 سبتمبر الماضي، وهو تحول خطير في مسار القضية، رغم وضوح القرارات الاممية السابقة والقوانين الدولية حول النزاع بين الطرفين البوليساريو والمغرب.
أمام هذه المعطيات انتظر الصحراويون حياد تقرير انطونيو غوتيريس في كشف الحقائق على أرض الواقع؛ وفضح الانتهاكات في المناطق المحتلة، وخرق البند رقم 01 المتعلق بوقف إطلاق النار بين الطرفين الموقع عام 1991 فيما يتعلق بمعبر الكركرات، فاجأهم التقرير بالانحياز الواضح للاحتلال المغربي.
انحياز تقرير غوتيريس أثار استغراب الصحراويين عامة وقيادة البوليساريو ممثلهم الشرعي الوحيد خاصة، الأمر الذي دفع الجبهة للتنديد بهذا التحول الخطير في نقل مجريات الوضع العام، واعتبرت التقرير أقرب الى الدعاية المغربية منه الى الحقيقة التي تقرها المنظمة الأممية نفسها باعتبار الصحراء الغربية محتلة، ولابد من تطبيق اللوائح الأممية التي تنص على تنظيم استفتاء تقرير المصير.
المفارقة العجيبة أن أغلب المبعوثين الخاصين إلى الصحراء الغربية حتى لا نقول كلهم، كانوا صادقين مع الشعب الصحراوي بأن الحل ليس بيد الأمم المتحدة، وعليهم اختيار طرق أخرى لتحقيق الاستقلال، لكن أكتوبر هذا هو شهر الحسم في مسار القضية، وحده سيحدد مستقبل النزاع عاجلا أم آجلا.