لا حديث عن مخرج للأزمة اللبنانية من دون اتفاق الفرقاء في بيروت وتقاطعهم على تشكيلة الحكومة الجديدة التي تتولى مهمة إرساء الإصلاحات المستعجلة لامتصاص الغضب الشعبي. والبداية بإنقاذ ما يمكن إنقاذه اقتصاديا، مع إعادة ترميم الثقة التي تصدعت بين اللبنانيين والطبقة السياسية.
أي تعثّر محتمل غير مقبول، كونه سيضيّع فرصة تجاوز الانهيار المالي ومنع تفاقم الهوة الاقتصادية، في وقت بات توجه جديد يسود بهدف رفع الدعم عن السلع والمواد الإستراتجية ما يضاعف من تهديدات الانفجار الشعبي.
تستمر الأزمة اللبنانية من دون التعجيل بالانفراج رغم الضغط الفرنسي، في ظل وضع إقليمي صعب يعصف بالمنطقة ويحاصرها من كل جانب، لأن في هذا الظرف شديد الحساسية تسجل بوادر مقلقة بشأن مستقبل لبنان، والحفاظ على وحدته وسلامته الترابية تعد مسألة جوهرية وينبغي أن تدرج ضمن الأولويات، في ظل أطماع خارجية يمكنها أن تستخدم ذريعة للتدخل الخارجي لتنقض عليه.
يرتقب أن يعود الحريري، الذي قاد في الآونة الأخيرة اتصالات ماراتونية مكثفة لتسميته خلال هذا الأسبوع، بتكليف من الرئيس عون، على خلفية أنه يحظى بأغلبية تسمح له بالعودة إلى تشكيل الحكومة الجديدة. وإن كان الحريري يدرك جيدا أن الصراع الضمني الذي أجهض محاولات تشكيل الحكومة، يتمثل في الخلاف على توزيع الحقائب الوزارية، خاصة السيادية بما فيها المالية، التي أحدثت شرخا أشعل حدة الخلاف بين بعض الأطراف السياسية، وحالة الانسداد دفعت بالرئيس الفرنسي ماكرون إلى الضغط وتحذير المسؤولين في بيروت، لذا قام بمنحهم مهلة زمنية محددة، كشرط لدعم هذا البلد الجميل الذي عانى كثيرا من ويلات الحرب ونخر الفساد منظومته الاقتصادية.
أصبح الفشل ممنوعا، لأن إسقاط ورقة الخلافات ممكن، عبر تقديم بعض التنازلات من طرف التشكيلات السياسية بمختلف أقطابها، لتجنب سقوط لبنان فريسة لأسوإ سيناريو، لأن من حق الشعب اللبناني أن يعيش في أمن واستقرار وتطور.