إذا لم نسمّ الفشل فشلا فكيف يمكن أن ننبري لمعالجته، وإذا لم نسم الفساد فسادا فكيف يمكن توفير مستلزمات القضاء عليه، وإذا لم نسم عجز نظام وانحرافاته وأخطائه، فكيف يمكن فهم وحصر ما ينبغي تجاوزه ومعالجته لبناء نظام جديد وآليات عمل جديدة، تضمن أن لا يتكرر ما حدث للنظام السابق.
وإذا لم نسم، بشكل صريح وواضح، الذي تسبب في قيام مناطق الظل، التي يتعذب فيها أكثر من 8 ملايين جزائري، فكيف يمكن تبرير اتخاذ الإجراءات اللازمة لتصحيح هذه الأخطاء وتصحيح هذا التقصير، وتصحيح خاصة الظروف والوضعيات التي تسببت في قيامها، وإذا تأخرنا في تسمية كل هذا بأنه أزمة دولة وأزمة حكم وأزمة ممارسة السلطة فلا يمكن التكفل بانشغالات الجزائريين، ولا يمكن تلبية مطالبهم في التغيير وفي فرض احترام القانون ووقف هدر المال العام ونهبه والتخلي عن كل الأسباب التي انتهت بالبلاد إلى مثل هذه الأزمة.
إذا لم نسم بشكل صحيح الذي كان وراء وجود عدد من المسؤولين السامين السابقين في السجون وأمام المحاكم، فلا يمكن منع تكرر الذي تسبب في ذلك، أي غياب الرقابة وغياب الحساب والجزاء والعقاب.
نقول كل هذا لأنه ما زال هناك من يتردد، أو حتى يجد حرجا، في تشخيص أمراض دولتنا وتشخيص أمراض نظام الحكم وتشخيص أمراض ممارسة السلطة، ويجد حرجا أكبر في تشخيص كل عوامل الجمود والركود وكل عوامل الفشل وكل عوامل الفساد والإفساد، وترى الكثيرين ما زالوا يتوقفون عند المبررات وعند ذرائع متنوعة لتثبيط عزيمة كل إرادة تغيير.
لقد تحدث الرئيس تبون مرّات عديدة عن كل ذلك بصيغ متنوعة، وتحدث بالخصوص عن عوائق وكوابح تتراءى حينا في تصرفات بيروقراطية، وتتراءى أحيانا أخرى في مناورات فايسبوكية أو في حملات بوسائط متنوعة وفي تصرفات تستهدف حينا ربط الحاضر بالماضي وأحايين أخرى مقارنة الحاضر بالماضي ومحاولة البرهنة على أنه ليس هناك فرق.
لقد فصل الحراك الشعبي العارم بين عهدين وينبغي أن يفصل نهائيا بين نظامين، ومهما تواصل بعض من النظام في تصرفات أو ممارسات فهو لا يمكن أن يعني لا استمرار النظام السابق ولا عودته، وقد التزم الرئيس تبون التزاما حاسما بالقول: «لن نسمح للعصابة بالعودة».