من يذكر «كمبيوتر لكل عائلة»؟ إنه المشروع الذي أطلقته الحكومة منتصف العشرية الماضية، وكان من المفترض أن يتواصل إلى غاية 2010، على أن تستفيد منه 7 ملايين عائلة جزائرية، بغلاف 4 مليار دينار جزائري.
المشروع انتهى، وتجاوزته الأحداث والتكنولوجيا بسرعة التي تحوّلت إلى أجهزة الهواتف الذكية ومعها انتشرت شبكات التواصل الاجتماعي، وأصبح استعمالها لا يحتاج إلى المال، الذي كانت تدفعه كل عائلة للكمبيوتر الشخصي، وقد تحوّل إلى ما يشبه القطعة الأثرية، لصالح الحواسيب المحمولة والهواتف والألواح الذكية.
ولم يكن مصير «الكمبيوتر العائلي» ذاك، يختلف عن مصير كثير من المشاريع التي استهلكت كثيرا من المال والجهد ولم تأت ثمارها، على غرار «ألف قرية اشتراكية» الذي تحوّلت بعض نماذجه إلى مسوخ عمرانية، تفنن ساكنوها في التحايل على عمرانها وأصبحت مدنا فوضوية يسكنها فلاحون سابقون حوّلتهم البيروقراطية إلى ممارسة أنشطة طفيلية.
والأمر نفسه ينطبق على برامج من قبيل «شبيبة 2000»، الذي أطلقته السلطات في ثمانينات القرن العشرين، وسلسلة «الميدياتيك» التي كانت عبارة عن «مقاهي انترنيت» عمومية، تجاوزتها الأحداث بسرعة، وأصبحت هياكل لا أحد يزورها، بل تحوّل بعضها إلى أوكار للهامشين، مثلما حدث لمشروع «محّلات الرئيس» بعد ذلك.
اليوم ومع الدخول المدرسي الجديد، أطلق الوزير الأول فكرة «جهاز كمبيوتر لوحي» لكل تلميذ، وهي فكرة جميلة، لكن الخبراء قبل ذلك تكلموا عن الفكرة، وقالوا إنها تحتاج إلى أرضية خاصة، على غرار توفّر سبورات إلكترونية، إضافة إلى برمجيات خاصة يُشرف عليها مختصون لتتحوّل فصول الدراسة إلى «أقسام ذكية». إنها الفكرة التي يحتاج تجسيدها إلى كثير من المال والكفاءة العلمية على مستوى كل المدارس، وتحتاج أيضا أهم شيء وهو الوقت المناسب، لأن أي تأخر قد يجعلها في ذمة التاريخ، بسبب سرعة التحوّلات التكنولوجية، ويصبح مصيرها لا يختلف عن مصير «كمبيوتر لكل عائلة» وكل المشاريع التي تجاوزتها الأحداث. لكن تجسيدها ممكن..