الحصانة البرلمانية بمثابة «برنوس» يحمي شرف تمثيل الشعب ويحصّن حق التعبير بلسانه في مواجهة السلطة، بقول ما لا يمكن لغير حامله قوله بملء الفم. غير أن سقوط برلماني في المحظور، خاصة الوقوع في فساد، كما هو حال بعض أعضاء المجلس الشعبي الوطني، ومن قبل نظراء لهم في مجلس الأمة، يؤدي حتما إلى سحب برنوس الحصانة ونزعه عن كل متورط لتأخذ العدالة مجراها تحت مظلة القانون.
بعض من وقع تحت طائلة المتابعة القضائية، انتهى بهم الأمرُ، بعد محاولة فرار ولعب على الإجراءات، إلى فقدان ذلك الشرف، ليتأكد أن خيار مكافحة الفساد ليس حملة ظرفية، وإنما هو في صلب ورقة طريق بناء جزائر جديدة، تعيد الاعتبار للمؤسسات الشعبية وقطع دابر الفساد، بدءا من مراكز لطالما عبث كثير ممن شغلوها في لحظة من مسار الدولة وممارسة السلطة بالمال العام نهبا لثروة البلاد وتبديدا لها، بلا مساءلة أو احتكام للضمير الذي مات عند البعض.
لكن في النهاية الناس معادن، من المتابعين قضائيا من يسلم أمره للقانون، كما هو أخيرا للبرلماني عبد القادر والي، مفضلا التخلي طواعية عن الحصانة لمواجهة اتهامات تطاله، خلافا لبرلماني آخر – محسن بلعباس – امتنع عن حضور جلسة المساءلة، لكن إلى أين المفر في وقت يزداد فيه تشديد الخناق على آفة الفساد حيثما وجدت وأيّا كان المتورط فيها.
يقول المثل، «الطير الحر كي يتحكم ما يتخبطش»، والمفروض أن يتحمل الإنسان مسؤوليته ويواجه بصدر عار وتحت الشمس، دون البحث عن مبررات، في وقت احترقت فيه للجميع كافة أوراق تبرير ما لا يبرر ومحاولة التخفي وراء جدران وهمية أو ابتزاز أو مساومة.
الكلمة اليوم للشعب ولا مجال لاستمرار المال الفاسد، المحاصصة الجنسية والجهوية والإيديولوجيا، إنما المرور بعد أول نوفمبر، عبر بوابة تعديل الدستور، إلى مرحلة مؤسسات منتخبة حقيقة والتنافس لبلوغ مناصب البرلمان والمجالس الشعبية بالمشقة الديمقراطية لإقناع الناس وصراع البرامج والمواقف.
ما اعتقده أن والي وأمثاله، خلافا لمن كانوا في غياب عن البرلمان وواصلوا تلقي راتبهم، رفض نزع الحصانة من زملائه هم أنفسهم سحبها منهم الشعب ذات 22 فيفري 2019 وهو ما يكرسه الدستور المرتقب بالذهاب مباشرة إلى حل البرلمان لتسريع التغيير.