الاحتفال باليوم الوطني للصحافة تقليد أقرته السلطات العمومية منذ أعوام، وهو من الناحية الرمزية يذكر بحادث أليم فقدت فيه الجزائر عددا من رجال الإعلام في ما عرف بطائرة فيتنام.
هناك في هذه المناسبة الجانب المناسباتي، وهناك الإشكاليات الأساسية المطروحة على «الصحافة» بكل تفرعاتها وليس الصحافة المكتوبة فقط، وهذه لا يكفيها يوم واحد في العام.
هناك أولا مستلزمات الإعلام الجديد، لاسيما القطاع العمومي، الذي ينبغي أن يرافق، وبكفاءة عالية، مسار بناء الجزائر الجديدة والنظام السياسي الجديد والمؤسسات الجديدة. الإعلام الجديد يعني قبل كل شيء الإعلام ذي المصداقية، لأن وسائل إعلام من دون مصداقية لا تفيد لا الدولة ولا السلطة ولا الإعلام ولا المجتمع، وبالتالي فورشة بناء هذا الإعلام كبيرة ومعقدة ولكنها ضرورة حيوية للدولة الجديدة والحديثة.
الإعلام الجديد يعني أيضا تلبية المطالب الإعلامية للمجتمع، إذ لا يمكن الاكتفاء بتبليغ الخطاب السياسي للسلطات وقراراتها بل ينبغي أن يأخذ انشغالات المجتمع ونقلها وتبليغها.
إن الطلب الاجتماعي متنوع وتطور بتطور المجتمع وارتفاع متوسط المستوى الثقافي، وصار فيه الإعلام الإلكتروني مثلا أكثر أثرا في فئات واسعة من الرأي العام. كما يمكن القول إن الإعلام المتخصص، صار هو الآخر ضرورة أكيدة، إذ ينبغي تلبية طلب نوعي صار قويا وهو طلب النخب لا تنوعها.
أخيرا وليس آخرا فإن حماية الأمن الإعلامي للجزائريين، في الفضاء الإلكتروني وفي المجال البصري وفي مجال الإعلام المتخصص، يتطلب توفير مرجعيات وطنية للجمهور المتلقي وفي شتى التخصصات.
ولهذا فإن الانتقال هو انتقالات، من الإعلام التقليدي إلى الإعلام الحديث ومن الورقي إلى الرقمي، ومن إعلام في اتجاه واحد إلى إعلام في خدمة الطلب الاجتماعي على تنوعه وترقية قدرته التنافسية مع كل وسائل الإعلام الخارجية.
وقد جاءت جائزة رئيس الجمهورية لهذا العام، في ظرف الاستعداد لبدء مسار بناء دولة أخرى بمؤسسات أخرى، وهو ما يحتم استعداد خاصا وتكييفا خاصا، لاسيما للإعلام العمومي الملزم أكثر من غيره بواجب الخدمة العمومية وبواجب حماية الجزائريين من «المعلومات المغلوطة» ومن كل فعل إعلامي مغرض ومن كل ما يستهدف الرأي العام من مناورات صارت أكثر خطورة من الأسلحة الفتاكة..