قد يكون من الصّعب الحكم نهائيا على اتفاق وقف إطلاق النار الدائم بين حكومة الوفاق والجيش الليبي، الذي توصل إليه طرفا النزاع في جنيف، نهاية الأسبوع الماضي.
لكن الخطوة تمثل فعلا بداية نهاية الأزمة السياسية، وتجسّد بكل رمزيتها وطنية أبناء ليبيا الذين شاركوا في المفاوضات التاريخية على مدار خمسة أيام وتوجت باتفاق انتظره الليبيون طويلا ويعلقون عليه آمالا كبيرة لإنهاء الأزمة.
نعم، إنها مفاوضات تاريخية بما تحمله الكلمة من معنى، لأنها وضعت الاصبع على الجرح الليبي، المتمثل في إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد في أجل أقصاه ثلاثة أشهر. هذا البند، وإن كانت لا تزال مضامين تطبيقه غير واضحة في الاتفاق فهو سبب استمرار حالة اللاإستقرار واللاسلم في الجارة الشقيقة. وما يؤكد فعلا انه قرار مهم لإنهاء الأزمة السياسية هو امتعاض بعض القوى الغربية من هذا الاتفاق الذي يفرض على طرفي النزاع إخراج القوات الأجنبية من التراب الليبي.
ملامح اتجاه قطار حل الأزمة في طريق التسوية السياسية التي يريدها الشعب الليبي جامعة شاملة تمحو الماضي الأليم وترسم مستقبلا مزدهرا في الأفق القريب، تجري بروح المسؤولية الوطنية والأخلاقية الإنسانية التي تحلى بها المشاركون في الجولة الخامسة من المفاوضات أعادت الأمل والتفاؤل في إنهاء الصراع، وقد تفتح صفحة جديدة في مسار ليبيا الجديدة.
مع توقيع الاتفاق الدائم لوقف إطلاق النار، يكون الشعب الليبي قد تنفس الصعداء وينتظر وصول قطار الحوار لمحطة النهاية في منتدى الحوار السياسي المقرر في 9 نوفمبر القادم بتونس. إلا ان هناك عدة أسئلة تبقى مطروحة حول هذا المنتدى، وماذا يمكن ان يقدمه من قرارات؟ ومن هي الأطراف المشاركة وعلى أي اساس سيتم اختيارها؟
من دون شك، أن اتفاق جنيف قضى على أكبر تحد لحل الأزمة بإقرار إخراج القوات الأجنبية، ولن يثني منتدى الحوار السياسي في تونس عن صياغة وثيقة تسوية شاملة للازمة تكون اتفاقا تاريخيا يتوج مساعي دول الجوار في المصالحة الليبية.