ما يعرف في موروثنا الشعبي بحرب البسوس، لسنوات طوال صنفت على أنها حرب ناقة وذلك خطأ تم تكريسه عن قصد ونية مبيتة، فمن هنا ألصقت تهمة القتل والهمجية بالعرب والمسلمين بعد ذلك، هؤلاء الذين يخوضون حرب ثأر في ناقة لأزيد من أربعين عاما، لا يمكن أن يكونوا أسوياء بأي حال من الأحوال.
وبالعودة إلى جذور هذه الحرب والتأمل في مسبباتها سنجد أن الحرب لم تكن أبدا لأجل الناقة ولكنها كانت حرب كرامة، فالقتيل كان ملك العرب آنذاك كليب «وائل ابن ربيعة» هو ابن عم القاتل جساس بن مرة الذي انتفض ضد ابن عمه وبلغ قتله، بعد أن منع الماء عن مواشيهم حتى كادت قطعانهم تهلك عطشا، وحرمهم من قرى الضيف فلا نار توقد في المرابع إلا نار الملك، ومنعهم من إجارة الملهوف وتلك أشياء مقدسة لا يساوم فيها أهل البوادي وسكانها.
قد تكون هذه المقدمة مناسبة تماما برأيي كرسالة لكل من يتطاول أو يتعالى على الخلق بسلطة أو بمنصب فزمن التغول قد ولّى والجزائر الجديدة التي ينشدها الجميع لن يكون فيها مكان لهكذا نماذج.
الجزائر الجديدة التي ينشدها الجزائريون بشيبهم وشبابهم هي جزائر تتساوى فيها الفرص أمام الجميع وتغلق فيها أبواب المحسوبية والجهوية والمحاباة وتفتح فيها أبواب التنافس الشريف وفق الكفاءة والجودة والاحترافية على كل المستويات.
الجزائر الجديدة التي يريد أبناؤها بناءها هي جزائر تحمي آدميتهم وتصون كبرياءهم وتكون فيها كرامتهم خطا أحمر، والسلطة القائمة مطالبة أكثر من أي وقت مضى بزجر وردع أي مسؤول مهما كان منصبه أو علا شأنه تسوّل له نفسه أن يهين واحدا من أبناء هذه الأرض فإشاعة العدل ورد المظالم أساس لدوام الملك واستقرار الأحوال.