يؤكد رئيس المجلس الدستوري، كمال فنيش، في هذا الحوار الذي خص به «الشعب»، أن تمرير تعديل الدستور عبر الاستفتاء الشعبي، يحمل أكثر من دلالة، ويشدد على أن النظام شبه-الرئاسي المقترح سينهي الغموض الذي لازم نظام الحكم في البلاد، وأفاد بأن المحكمة الدستورية المزمع استحداثها ستكون الحكم والضامن لسمو الدستور.
«الشعب»: ما هو المغزى من تمرير مشروع تّعديل الدّستور عبر الاستفتاء الشّعبي ؟
كمال فنيش: إنّ تمرير تعديل الدّستور عبر الاستفتاء الشّعبي، وقبل ذلك طرح المسودة الأوّلية للإثراء والمناقشة وعرضها على كافة أطياف المجتمع ومؤسسات الدّولة، يحمل أكثر من مغزى ودلالة، ولعلّ أعمق دلالته، هو إعادة السّلطة التأسيسية للشّعب، والتأكيد على تمسّك الأمة والدّولة بالعودة إلى الدّستور، الذي تنص المادة السّابعة منه على أنّ الشّعب مصدر كلّ سلطة وأنّ السّيادة الوطنية ملك للشّعب وحده وكذا المادة الثّامنة التي تنصّ على أنّ السّلطة التّأسيسية ملك للشّعب، يمارسها بواسطة المؤسسات الدّستورية، وكذا عن طريق الاستفتاء وبواسطة ممثليه، كما تمكّن ذات المادة رئيس الجمهورية من الالتجاء إلى الشّعب مباشرة، هذا من جهة.
من جهة أخرى، فإنّ المادة 208، من الدّستور تمنح رئيس الجمهورية حق المبادرة بالتعديل الدّستوري، وبعد أن يصوت عليه المجلس الشّعبي الوطني ومجلس الأمة، يُعرض التّعديل على استفتاء الشّعب خلال الخمسين يوما الموالية لإقراره.
وعليه يمكن القول أن المرور عبر الاستفتاء، يحمل رسائل قوية، عن الرّغبة في إعادة السّلطة والكلمة للشّعب، وعن الإرادة السّياسية التي تتقاطع والإرادة الشّعبية في احترام الدّستور والتمسك بالمسار الدّستوري.
* هل ينهي النّظام شبه-الرّئاسي المقترح في التّعديل الدّستوري حالة الغموض التي كانت سائدة في تحديد طبيعة نظام الحكم في الجزائر؟
** فعلا، فإنّ الدّستور الجزائري غالبا ما تعرّض للانتقاد لقصوره في تحديد طبيعة نظام الحكم في الجزائر بدّقة، ويمكن القول بأنّ المشروع المطروح للاستفتاء، قد سعى لتدارك هذا القصور من خلال اقتراحه تبني أركان النّظام شبه الرّئاسي- الهجين، الذي يستوحي من كلا النظامين الكلاسيكيين الرّئاسي والبرلماني أحسن ممارساتهما، ليشّكل نظاما متوازنا يضمن فصلا مرنا بين السّلطات الثلاث: التّنفيذية- التّشريعية والبرلمانية، مع إبقائها دائما مستعدة للتّعاون فيما بينها.
كما يؤسس ذات النّظام لاحترام أكبر لمبادئ الدّيمقراطية والإرادة الشّعبية، فالوثيقة المطروحة للاستفتاء، تحدد بدقة كيفيات قيادة الحكومة، اذ يقودها وزير أول في حال ما إذا اسفرت الانتخابات التّشريعية عن أغلبية رئاسية، ويقدّم مخطط الحكومة إلى المجلس الشّعبي الوطني للموافقة عليه، في حين يقودها رئيس حكومة يعين من الأغلبية البرلمانية في حال ما اذا أسفرت الانتخابات التّشريعية عن أغلبية برلمانية مغايرة للأغلبية الرّئاسية، حيث يكلّف رئيس الحكومة بتشكيل حكومته وإعداد برنامج الأغلبية البرلمانية، الذي يعرضه على مجلس الوزراء ثم يقدّمه للبرلمان للموافقة عليه.
هذا النظام المقترح يحدد بدقة أكبر صلاحيات رأسي الجهاز التّنفيذي ويُرسّخ بشكل أكبر للممارسة الدّيمقراطية في البلاد، كما يرسم أيضا حدود العلاقة بين السّلطات الثلاث اذ يفصل بينها فصلا مرنا ومتوازنا يسمح لها بضمان التنسيق والتعاون فيما بينها.
* يرى الكثير من الدارسين أن النّظام شبه الرئاسي، يعاني بعض النّقائص، من بينها أنه قد لا يضمن التوازن بين السّلطات الثلاث، فهل قامت الجزائر بتطويره بالشكل الذي يتجاوز هذه الانتقادات؟
** شكرا لكم على السّؤال، إنّ المشروع المطروح على الشّعب للاستفتاء، قد حاول أن يتجنب كلّ أشكال النّقص التي قد تُعاب على النظام الشّبه الرّئاسي لاسيّما فيما يتعلّق بنظام التّعايش، عندما يكون رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة من اغلبيتين مختلفتين وتتعارض أجندتيهما السّياسية، أو تغول السّلطة التّنفيذية بالنظر للصلاحيات الواسعة لرئيس الجمهورية، وذلك من خلال تعزيز استقلالية السّلطة القضائية من جهة واستحداث المحكمة الدّستورية من جهة أخرى، ومنحها صلاحية فض النّزاعات التي قد تنشأ بين السّلطات أو داخلها وحتى تفسير بعض الأحكام الدّستورية بعد إخطارها، وهو في رأيي ما قد يسمح بتجاوز ما يعاب على هذا النظام.
* ما هي الإضافات التي يأتي بها مشروع التعديل الدّستوري في مجال الفصل بين السلطات؟
** إن الفصل الذي يرد في مقترح التعديل الدّستوري، إنّما هو فصل مرن بين السّلطات، تلعب فيه المحكمة الدّستورية دور الحكم وضامن الاستقرار Pacificateur بين السّلطات الثلاث، كما ستعمل على الحفاظ على التّوزان بين السّلطات والفصل المرن بينها، وهي الضامن لاحترام الدستور، إذ يُمكنُ إخطارها من طرف الجهات التي سبق وأن ذكرناها بشأن الخلافات التي قد تحدث بين السلطات، أي أنّ من مهامها فض النّزاعات بين السّلطات الثلاث، بالشّكل الذي يقي البلاد من الأزمات السّياسية التي قد تحدث وقد تؤدي إلى شلل إحدى السلطات أو المؤسسات الدستورية أو تعطّل إحداها.
وفي ذات السّياق تندرج إمكانية إخطارها من قبل نفس الجهات المخولة دستوريا، لتفسير حكم أو عدّة أحكام دستورية لإبداء الرّأي وهو ما من شأنه المحافظة على استقرار البلاد وتجنيبها الكثير من الأزمات التي قد تنجر عن أيّ لُبس أو سوء تفسير، وبالتالي المُساهمة في ضمان عدم استيلاء أو اعتداء أي سلطة، عن قصد أو عن غير قصد، على صلاحيات الأخرى. هذا من جهة.
من جهة أخرى، فإنّ دولة القانون التي نتوخاها جميعا، تقوم على مجموعة من المبادئ أهمها سموّ الدّستور وهو ما ستعمل على ضمانه المحكمة الدّستورية إذ أنّها المكلفة بضمان احترام الدّستور، وهي التي تضبط سير المؤسسات ونشاط السّلطات العمومية، وهي التي تفصل بقرار في دستورية المعاهدات والقوانين والأوامر والتّنظيمات.
إذ سيتم إخضاع الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية لمراقبة الدّستورية من طرف المحكمة الدّستورية، التي يمكن إخطارها بشأن دستورية الأوامر والتّنظيمات خلال شهر من تاريخ نشرها طبقا للمادة 190 من المشروع، وإذا قررت المحكمة الدستورية عدم دستورية أمر أو تنظيم فإنّ هذا النّص يفقد أثره ابتداء من يوم صدور قرار المحكمة الدّستورية، وهو ما من شأنه درء أيّ غلبة للسلطة التّنفيذية على باقي السّلطات أو محاولة للانفراد بالحكم.
أيضا فإنّ المحكمة الدّستورية تفصل في مطابقة النظام الدّاخلي لكلّ من غرفتي البرلمان للدّستور، وفي ذلك ضمان لئلا تستغل السّلطة التّشريعية مناسبة وضعها لنظامها الدّاخلي للاعتداء عن قصد أو عن غير قصد على صلاحيات باقي السّلطات، على أن يحتفظ البرلمان بسلطة الرّقابية على الحكومة.
أيضا، يعمل مشروع التعديل المطروح للاستفتاء على تعزيز استقلالية السّلطة القضائية، اذ لابد من الإشارة إلى مبدأين قد تمّت دسترتُهما ضمن المشروع المطروح للاستفتاء، بموجب المادة 163 التي تنصّ على أنّ «القضاء سلطة مستقلة « وأنّ «القاضي مستقل لا يخضع إلاّ للقانون».
ومن بين أبرز الضمانات الدّستورية لضمان هذه الاستقلالية مراجعة تشكيلة وصلاحيات المجلس الأعلى للقضاء.
ولعّل مراجعة تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء من خلال تكريس رئاسة رئيس الجمهورية له باعتباره القاضي الأوّل للبلاد مع إبعاد وزير العدل، باعتباره أحد أعضاء الجهاز التّنفيذي، من تشكيلته لهو أحد أبرز الدّلالات على سعي المؤسس الدّستوري لضمان القدر الأسمى من الفصل بين السّلطات وتكريس استقلالية القضاء.
كما أن 15 من أصل 22 عضو، هم قضاة منتخبون من قبل زملائهم، تُضاف إليهم ست شخصيات يتم اختيارها بحكم كفاءتهم من خارج سلك القضاء اثنين يختارهم رئيس الجمهورية واثنين يختارهم رئيس المجلس الشعبي الوطني من غير النوّاب، واثنين يختارهم رئيس المجلس الأمة من غير الأعضاء، بالإضافة إلى رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان. إذن فالتشكيلة تعكس إلى حد كبير إرادة المشرع في تكريس فصل السّلطات ودولة القانون.
أخيرا فإنّ المجلس الأعلى للقضاء ومن خلال صلاحياته في ضوء مواد المشروع المطروح للاستفتاء، هو الذي يقرر طبقا للشروط التي يحددها القانون: تعيين القضاة ونقلهم ومسارهم الوظيفي، كما أن الفقرة الثانية من المادة 181 من المشروع، تنص على أن «يتم التعيين في الوظائف القضائية النوعية بموجب مرسوم رئاسي بعد رأي مطابق للمجلس الأعلى للقضاء»، سيُساهم، فعلا، في تعزيز استقلالية القضاء لأنّ ضمان استقلالية النظام القضائي يتطلب ضمان استقلالية كل قاضي، وجعل تسيير المسار المهني للقضاء من اختصاص المجلس الأعلى للقضاء بتشكيلته المعدّلة من خلال مواد المشروع، والتي تُبقي السلطة التنفيذية بعيدة عن التدخل فيه، تتيح للقضاة العمل في إطار يضمن حقوقهم خاصة فيما يتعلق بتنظيم وتسيير حياتهم المهنية بما يعزز أداءهم وفي ذات الوقت يراقب انضباطهم بما يُرقي ذات الأداء ويرفع كفاءة وجودة عملهم وهو ما سيؤدي في الأخير إلى ترسيخ ثقة المواطن بالسلطة القضائية.
كما تمت دسترة مبدأ عدم نقل القاضي إلا ضمن شروط محددة دستوريا، كما لا يُعزل القاضي ولا يمكن إيقافه عن العمل أو إعفاؤه أو تسليط عقوبة تأديبية عليه، أثناء ممارسة مهامه أو بمناسبتها، إلا في الحالات وطبق الضمانات التي يحدّدها القانون بقرار معلل من المجلس الأعلى للقضاء.
ومع كلّ هذه الضّمانات فإنّ القانون يحمي المتقاضي من أيّ تعسّف يصدر عن القاضي ويُعاقب كلّ من يمسّ باستقلالية القاضي أو يعرقل حسن سير العدالة وتنفيذ قراراتها.
كما يمكن للقاضي أن يُخطر المجلس الأعلى للقضاء في حال تعرضه لأي مساس باستقلاليته.
* أثناء الحراك وبعد تعذر إجراء الانتخابات الرّئاسية (04 جويلية 2019)، بعد انقضاء المهلة الدّستورية، ظهر غموض حول هذه الحالة الاستثنائية، ما تم استدراكه في مشروع التعديل، أي أن اجتهاد المجلس الدّستوري قد تمت دسترته؟
** بالفعل فإنّ الجزائر عرفت عشية انتخابات رئيس الجمهورية التي كانت مقررة يوم 04 جويلية 2019، وضعية غير محكومة بأي نص دستوري أو تشريعي صريح، اذ تم رفض ملفي المترشحين الذيْن تم تقديمهما بعد استقالة رئيس الجمهورية، وهو ما يعني تعذر اجراء الانتخابات في ظل عدم وجود مترشحين آخرين.
وعليه، فإن المجلس قد استند إلى الدّستور باعتباره فوق الجميع، وهو القانون الأساسي الذي يضمن الحقوق والحرّيّات الفرديّة والجماعيّة، ويحمي مبدأ حرّيّة اختيار الشّعب، ويضفي المشروعية على ممارسة السّلطات، ويكرّس التداول الديمقراطي عن طريق انتخابات حرّة ونزيهة» وإلى المواد 7،8، 102 (الفقرة 6)، 182 و193 منه، ولكون المهمة الأساسية لمن يتولى وظيفة رئيس الدولة هي تنظيم انتخاب رئيس الجمهورية.
و اعتبر المجلس، أن إعادة تنظيم الانتخابات الرئاسية يتطلب توفير الظروف الملائمة لتنظيمها وإحاطتها بالشفافية والحياد، بهدف الحفاظ على المؤسسات الدستورية التي تساهم في تحقيق تطلّعات الشّعب صاحب السيادة، وخلُص اجتهاد المجلس الدستوري إلى القول بأنه يعود لرئيس الدولة استدعاء الهيئة الانتخابية من جديد واستكمال المسار الانتخابي إلى غاية انتخاب رئيس الجمهورية وتأديته لليمين الدستورية.
وعليه فقد تم تدارك تلك الوضعية في المشروع المطروح للاستفتاء إن من خلال استشراف حالة تعذر إجراء الانتخابات في خلال 90 يوم الأولى من تولي رئيس مجلس الأمة رئاسة الدّولة وإتاحة إمكانية تمديد هذا الأجل، أو من خلال استحداث السّلطة الوطنية المستقلة للانتخابات.
* المحكمة الدّستورية التي ستستحدث بموجب التعديل الدستوري في حالة تزكيته من طرف الشعب، تضبط سير المؤسسات ونشاط السّلطات العمومية، كيف ذلك؟
** كما سبقت لي الإشارة آنفا، فإنّ المحكمة الدّستورية هي الحكم وضامن الاستقرار في الحياة السّياسية، وهي تضبط سير المؤسسات من خلال آليتين بارزتين هما رقابة دستورية المعاهدات والقوانين والأوامر والتنظيمات، وكذا مطابقة النظامين الداخليين لغرفتي البرلمان للدستور، وكذا من خلال تدخلها بشكل أساسي في النّقاش السّياسي، لفض النزاعات التي قد تنشأ بين السّلطات أو داخل ذات السلطة أو داخل مؤسسة من المؤسسات الدّستورية.
ولعلنا نتذكر جميعا حادثة شلل المجلس الشعبي الوطني نتيجة لخلاف سياسي قبل سنوات قليلة. إذن، فمن خلال الصلاحيات الممنوحة لهنا بموجب المادة 192 من المشروع، «يمكن اخطار المحكمة الدّستورية من طرف الجهات المحددة في المادة 193 (من مشروع التعديل) بشأن الخلافات التي قد تحدث بين السّطات الدّستورية» وهي بذلك – أي المحكمة- ستحول دون تعطّل أي مؤسسة من المؤسسات الدّستورية.
* ما هي أبرز الإضافات التي جاء بها مشروع التعديل الدّستوري في مجال الحقوق والحريات؟
** في الحقيقة، لقد جاءت مختلف التّعديلات المقترحة لتتماشى ومسعى ترقية وتعزيز الحقوق والحريات في بلادنا، ولنبدأ بأسمى الحقوق، وهو الحق في الحياة الذي تمت دسترته بموجب المادة 38 التي تنصّ على أنّ «الحق في الحياة لصيق بالإنسان، يحميه القانون ولا يمكن أن يُحرم منه أحد إلا في الحالات التي يحددها القانون»، وذلك نظرا لقدسيته.
إضافة أخرى نوعية هي ما جاء في المادة 27 من الوثيقة التي تحمي حقوق المواطن أمام الإدارة، من حيث كونها تنص على أن تضمن المرافق العمومية لكل مرتفق التّساوي في الحصول على الخدمات وبدون تمييز. بالإضافة إلى المكسب الجديد المتمثل في المادة 34، والتي تُلزم جميع السّلطات والهيئات العمومية بالأحكام الدّستورية ذات الصّلة بالحقوق الأساسية والحرّيات العامة وضماناتها. أبعد من ذلك وطبقا لنفس المادة فإنّه لا يمكن تقييد الحقوق والحريات والضمانات إلا بموجب قانون، ولأسباب مرتبطة بحفظ النّظام العام والأمن، وحماية الثوابت الوطنية، وكذا تلك الضرورية لحماية حقوق وحريات أخرى يكرّسها الدّستور. وفي كل الأحوال، لا يمكن أن تمس هذه القيود بجوهر الحقوق والحريات.
حتى أنّ ذات المادة قد دسترت الأمن القانوني، حيث تنص فقرتها الأخيرة على أنّه «تحقيقا للأمن القانوني، تسهر الدّولة عند وضع التّشريع المتعلق بالحقوق والحريات، على ضمان الوصول إليه، ووضوحه واستقراره». وهي مكتسبات نثمنها نظرا لأهميتها في حفظ حريات وحقوق المواطن.
الإضافة الجديدة، الأخرى هي تلك التي تندرج في إطار ما يسمى بالميز الإيجابي والتي جاءت لحماية المرأة (أمهاتنا وزوجاتنا وبناتنا وأخواتنا)، من كلّ أشكال العنف، حيث تشير المادة 40 من الوثيقة إلى أن «تحمي الدّولة المرأة من كلّ أشكال العنف، في كلّ الأماكن والظّروف، في الفضاء العمومي، وفي المجالين المهني والخاص. ويضمن القانون استفادة الضحايا من هياكل الاستقبال ومن أنظمة التّكفل ومن مساعدة قضائية».
وفي إطار حماية الحقوق والحريات، وكذا مشاركة المواطن في الشّؤون العامة، جاءت المادة 77، الجديدة، لتمنح الحق لكل مواطن «في تقديم ملتمسات إلى الإدارة، بشكل فردي أو جماعي، لطرح انشغالات تتعلّق بالمصلحة العامة أو بتصرفات ماسة بحقوقه الأساسية» و»يتعيّن على الإدارة المعنية الرّد على الملتمسات في أجل معقول».
هذه الحقوق تُضاف إلى الحريات المكفولة لاسّيما ما تعلّق منها بقدسية حرية الرّأي، والضمانات الممنوحة للصّحافة، وغيرها من الحريات المرتبطة بحرية التعبير وحرية الاجتماع والتظاهر، وحتى حق انشاء الجمعيات بموجب التّصريح فقط.
كل هذه الحقوق والحريات، والمساعي الرّامية إلى حمايتها، تأتي لتتمم بعض النّقائص المسجلة، وترقيةً وتعزيزا لحقوق الانسان في الجزائر.
* اجتازت الجزائر العام الماضي، مرحلة مفصلية في تاريخها بالسلمية وبالتمسك بالمسار الدستوري، ما هي الدّروس الواجب استخلاصها؟
** في الحقيقة فإنّ الحراك المبارك قد قدّم للعالم أجمع دروسا عدّة، في السّلوك الحضاري والتّعبير السّلمي عن الرّأي وفي الثقافة الدّستورية. فالشّعب الجزائري، كان واضحا منذ البداية عندما طالب بالاحتكام إلى المواد 08،07 و102 من الدّستور، واختار لنفسه احترام المسار الدّستور، حفاظا على استقرار مؤسساته، وهو ما يتسق ومسعى تعديل الدّستور عبر الاستفتاء.