حذّر السفير الصحراوي لدى الجزائر، عضو الأمانة الوطنية لـ «البوليساريو» عبد القادر الطالب عمر، من تقاعس الأمم المتحدة في التعامل مع القضية الصّحراوية عقب تبنيها تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية «المينورسو» لسنة أمام تجاوزات نظام الاحتلال المغربي، ومحاولاته المتكررة، لإخراج القضية الصحراوية من مسارها الطبيعي، مشيدا بالموقف الجزائري الشرعي والأخلاقي والقانوني والذي يدخل في إطار تنفيذ الشرعية الدولية.
الشعب أونلاين: مجلس الأمن الدولي صادق على تمديد ولاية بعثة «المينورسو» لسنة أخرى ما تعليقكم على هذا القرار ؟
السفير عبد القادر طالب صالح : جبهة البولسياريو أصدرت بيانا مباشرة عقب صدور قرار تبني مجلس الأمن تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للإستفتاء في الصحراء الغربية «المينورسو» لـ12 شهرا وأبدت ملاحظات من بينها، القرار لم يأت بشيء جديد مقارنة بالقرارات السابقة بل تكاد تكون نفس التوصيات، باستثناء تشديده على ضرورة تعيين مبعوث شخصي للامين العام للأمم المتحدة، ما عدا هذا كل الأمور بقيت على حالها، رغم أن جبهة البوليساريو سبق لها وأن قامت بالعديد من المراسلات تندد بالانتهاكات المتكررة للاحتلال المغربي على جميع الأصعدة العسكرية، حقوق الإنسان، نهب الثروات حتى وصل به الأمر إلى غاية وضع حد لنشاط بعثة «المينورسو» التي أصبح دورها محدودا ويقتصر فقط على مراقبة وقف إطلاق النار وتتفرج على باق الخروقات، فضلا على تضييع قرابة سنة ونصف دون تعيين مبعوث أممي.طيلة هذه الفترة لم تقم الأمم المتحدة بأي شيء يرجع الأمور الى نصابها، بل أصبحت تساير ضغوط الاحتلال المغربي إلى أن وصلت مؤخرا الى القيام بدور شرطي المرور على التجارة والبضائع بينما تغفل على الأرواح البشرية وحقوق الإنسان وهذا الأمر غير مقبول.
سقف توقعاتكم كان أكبر من القرار الاممي، كيف تفسرون هذا الرد رغم الوضع الانساني الصعب في الصحراء الغربية؟
جبهة البوليساريو كانت تتمنى بل تنتظر عقب إرسالياتها إلى هذه الهيئة الدولية، ان تصحّح هذه الأمور والتجاوزات، غير أن تبني مجلس الأمن لقرار التمديد بعثة « المينورسو» أظهر ان الأمور باقية على حالها، وهي العوامل التي دفعت في وقت سابق جبهة البوليساريو إلى إعادة النظر في تعاملها مع الأمم المتحدة فيما يخصّ مسلسل السلام وهو القرار الذي تبنته خلال المؤتمر الـ 15 للجبهة الشعبية ، غير أن القرار الأخير لم يظهر الشيء الجديد، وهو ما دفع الجماهير الصحراوية إلى الخروج بقوة في مظهرات حاشدة في مختلف مناطق العالم على غرار فرنسا وإسبانيا وأمام الحزام الدفاعي أو حزام الذل والعار للاحتلال المغربي في عدة مواقع ودفعت بالمدنيين إلى غلق معبر الكركرات غير الشرعي.
هل تعتقدون أن الاحتجاجات التي شهدتها منطقة الكركرات جاءت كرد على التقاعس الأممي في ضمان تنفيذ الاستفتاء ؟
احتجاجات الشعب الصحراوي وإقدامه على غلق حركة المرور على مستوى معبر الكركرات جاءت احتجاجا على الوضع القائم، وقد تعرف هده الاحتجاجات أبعادا أخرى خاصة وأن نظام الاحتلال المغربي أصبح يحدث تغييرات في الوضع القائم من خلال إقامة قنصليات غير شرعية، فضلا على انتهاكه لحقوق الإنسان من خلال محاصرة منازل ناشطين وحقوقيين ومنعهم من الدخول والخروج. كل هذه المعطيات تدل على أن الاحتلال مستمر في تجاهله للقضية الصحراوية كإقليم لم يقرّر مصيره بعد ويتصرف كأنه ملك له بل وصل به الأمر إلى غاية تجميد خطة السلام المرتبطة بوقف إطلاق النار أمام صمت الأمم المتحدة .
ملتزمون بخطّة السلام والشرعية
ما هي الخطوة المرتقب أن تقدم عليها جبهة البوليساريو مستقبلا باعتبارها الممثل الشرعي للشعب الصحراوي ؟
في الحقيقة المجتمع المدني أو الجماهير الصحراوية هي من قامت بهذا التصعيد الشعبي السياسي المدني، جبهة البولسياريو مازلت تطالب لحد الآن بضبط النفس ولكن الأمر لن يدوم طويلا بالنظر لما هو موجود على أرض الواقع، جبهة البوليساريو مازلت ملتزمة بخطة السلام وتدافع عن مسار تصحيحه، في المقابل من يهدد ويضرب عرض الحائط كل القرارات الأممية، هو الاحتلال المغربي أمام تقاعس الأمم المتحدة وهو ما دفع الجماهير الصحراوية للخروج في احتجاجات وإقدامها على غلق معبر الكركرات ونحن حاليا في مفترق الطرق وعلى الأمم المتحدة أخد هذه الاحتجاجات على محمل الجد لان الاحتلال عودنا في كل مرة إقحام «البلطجية «في مثل هذا النوع من الاحتجاجات من أجل إخمادها بشتى الطرق، والرئيس الصحراوي كان قد حذر في عدد من خطاباته أنه من يمس أي فرد صحراوي فإن ذلك ستكون له عواقب وخيمة.
ما هي العراقيل التي تجعل الأمم المتحدة عاجزة عن تسوية القضية الصحراوية ؟
تعجيل تعيين مبعوث شخصي للامين العام لأمم المتحدة والدخول في مفاوضات مباشرة بين طرفي النزاع لإيجاد حل طبقا لمبادئ وأهداف ومأمورية بعثة «المينورسو» في الصحراء الغربية التي تبقى مهمتها تنظيم الاستفتاء، مجرد تصريحات تعودنا عليها من قبل الأمم المتحدة بالنظر لعدم التطبيق والتنفيذ وهذا هو الأشكال، الآن الامتحان الحقيقي أمام هذه الهيئة الدولية هو هل سيتم التنفيذ على أرض الميدان أم سيبقى مجرّد كلام في الهواء مثلما هو الحال مع خطة السلام التي مازلت في الهواء ولم تنزل إلى الأرض ما يعني أن الإشكال يكمن في التنفيذ أمام استمرار الاحتلال المغربي المحمي من قبل فرنسا في العرقلة، الأمم المتحدة كانت دائما من خلال قراراتها في الجمعية العامة ومجلس الأمن تنادي بحق تقرير مصير الشعوب ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا لا يتم التطبيق الفعلي للقرارات المتحدة أمام تراجع الاحتلال واختلاقه لعدة حجج واهية.
النّصر لقوى التحرّر وليس للمحتلّين
موقف الجزائر تجاه القضية الصحراوية يعكس مدى التزامها بالدفاع عن الشرعية الدولية كيف تقيمون الدور الجزائري في إيجاد حلّ لآخر قضية تصفية الاستعمار في أفريقيا ؟
الجزائر قامت بتنفيذ ما جاءت به الجمعية العامة للأمم المتحدة في الدورة الـ 25 لمّا وضعت برنامجا لتنفيذ القرار 14 و15 القاضي بمنح البلدان والشعوب المستعمرة للاستقلال، الجمعية العامة طالبت من كل الدول أن تقدم الدعم لهذه الدول في المقابل طالبت بالامتناع عن الاشتراك مع الدول المستعمرة في التوقيع على أيّة اتفاقية سواء سياسية، اقتصادية أوعسكرية لتغير الوضع القائم، الآن الاحتلال المغربي ومن يشترك معه في هذه الجريمة يتناقض مع قرارات الجمعية العامة والبندان 25 و26 واضحين في هذا الموضوع، تقديم الجزائر الدعم للقضية الصحراوية يدخل في إطار تنفيذ الشرعية الدولية، فموقف الجزائر شرعي وأخلاقي وقانوني إلى جانب موقفها الداعم لشعب جار وشقيق لديه العديد من الروابط معه في الدين واللغة وفي الأصول وبدوره الشعب الصحراوي يحيي الموقف الجزائري، وبالمناسبة استغل ذكرى 1 نوفمبر لأتمنى للجزائر وشعبها النجاح ولرئيسها عبد المجيد تبون الشفاء والعودة عاجلا لقيادة الجزائر الجديدة ونجاح الدستور.
هل من كلمة أخيرة ؟
الشعب الصحراوي وطيلة 45 سنة برهن على صموده وأنه قادر مهما تكن الظروف على مواصلة الكفاح والمقاومة فضلا عن اكتسابه الخبرة في المجال العسكري والدبلوماسي وكذا المقاومة السلمية، لأن الشعب الصحراوي لسنة 1975 والذي تم تقسميه ليس هو نفسه اليوم، فالشعب الصحراوي أًصبح أقوى وأشد وهو يفتخر بتحالفه مع ثورة 1 نوفمبر وشعبها، فالجزائر تبقى مكة الثوار وقلعة الأحرار، والنصر لقوى التحرر وليس لقوى الاستعمار.