عندما بدأ انتشار فيروس كورونا قبل أشهر، سارعت دول، منها الجزائر، إلى غلق الحدود البرية والبحرية والجوية وأوقفت النشاطات الرياضية والثقافية وكل التجمعات وأغلقت المدارس والجامعات، مع كل ذلك كانت أرقام الضحايا في ارتفاع.
وبدا أن الحجر الصحي بالمفهوم التقليدي ليس كافيا لمواجهة «جائحة» كنا نقرأ عن مثلها في كتب التاريخ عندما أبادت أوبئة مثل الكوليرا والطاعون شعوبا بأكملها، ولم تنجُ منها إلا أعداد قليلة، اكتسب، بدون إرادة، منها مناعة القطيع التي حاول بعض السياسيين، منهم بوريس جونسون، تطبيقها على شعبه، لكنه كاد يكون من أوائل ضحاياها.
لم يكن فيروسا عاديا، قيل إنه سيتحوّل إلى حميد بعد أشهر وسيختفي من تلقاء نفسه. وقيل إن حرارة الصيف ستقضي عليه وإن حرارة «الصمايم» ستقضي عليه. وقال بعضهم إن مادة «الشمّة» هي الدواء الفعّال له!، فمّر الصيف ومرّت أيام الحجر الصارم ولم يتراجع خطره إلا قليلا.
ولم يفعل فيروس بالعلماء والخبراء مثلما فعل هذا الفيروسالذي تلاعب بهم ولم يتفقوا على إيجاد وصف محدّد له ولأعراضه، وعجزت المخابر إلى حد الآن عن إيجاد مصل مضاد له رغم الكلام الكثير الذي تداولته وسائل الإعلام العالمية، عن نجاح هذا المخبر أو ذلك في تجاربه الأولى وقرب طرح المنتج في السوق الدولية.
والآن، ورغم أن الفيروس الذي تشبه أعراضه فيروس الأنفلونزا الموسمية، ينتقل إلى سرعته القصوى، فإن الحياة تعود تدريجيا، بعودة الأطفال إلى المدارس والطلبة إلى الجامعات والمصلين إلى المساجد وقرب عودة النشاط إلى الملاعب الرياضية، لأن الحياة لا يمكن أن تتوقف إلى الأبد.
وبعيدا عن فكرة «مناعة القطيع» التي كادت تودي بصاحبها، فإن الفيروس الذي ما يزال يتفنّـن في تحولاته، لا يمكن مواجهته بإيقاف كل النشاطات، بل بالبحث عن أساليب أخرى أكثر نجاعة، لعل أبرزها الالتزام الصارم بالإجراءات الوقائية.
فالحياة لا تتوقف والوقت لا ينتظر.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.