فيروس كورونا، من كثرة تكرار لفظته يوميا، صار رديفا لـ»السلام عليكم» و»صباح الخير»، ومع ذلك لم يرتق المتحدثون عنه إلى درجة إشاعة السلام، بتفادي نقل المرض صباح مساء، لهذه العجوز، وذلك الفتى، وتلك المرأة، وهذه الحامل..
شريط الأخبار باللون الأحمر في شاشات التلفزيونات المحلية والعالمية لم يُقنع من يتقاطرون على الشوارع والساحات والأسواق بخطورة الجائحة، التي لم تزحف بشكل غير مرئي تماما على الأسرّة المخصصة لكوفيد في المستشفيات والعيادات المتخصصة، وعلى صالونات البيوت، التي تستقبل المهنئين بالأعراس والمعزّين، حتى صارت قوائم مرضى الفيروس في قاعات العزل معروفة سلفا للممرضين والأطباء، الذي يتحدثون على «عائلات مصابة بكورونا في عرس» وعن «إخوة التقطوا العدوى في جنازة»، ما يعني أن الفرح والقرح، في بلادي، أصبح مسافة تُثير الخوف في الذين بحّ صوتهم في التحذير من خطورة عدم الالتزام بالمحاذير الصحية وشروط الوقاية من الوقوع في مطب الشهيق في الزفير، والاستغفار على إضاعة تاج الصحة، الذي لا يراه الأصحاء!
أرقام ضحايا الفيروس التاجي ترتفع كل يوم، ومعها ترتفع تحذيرات الأطباء من العودة إلى حجر صحي موضعي، أو «إجراءات قاسية» مثلما قالت الحكومة وهي تُحضر الرأي العام إلى إجراءات في الأفق، قد تكون قاسية فعلا بالنسبة إلى فئات، عانت من الحجر الصحي، أصلا، بغلق أبواب استرزاق في وجهها، وستعاني، وتكبر معها معاناة محيطها المباشر، ما لم تنصاع إلى الإجراءات الوقائية من هذا الوباء، وتساهم في تقليص انتشار المرض بالكف عن التهاون.. والاستهزاء بمن يحترمون قواعد الصحة في هذا الباب..
البلاد تدخل موجة ثانية، بتأكيد وزير الصحة، وعدد من الخبراء، الذين كثيرا ما رددوا هذا التحذير بالذات، لما كانت إحصائيات كوفيد-19 متدنية، وعدم الالتزام بإجراءات الوقاية منه مرتفعة، تراها في الشارع والمسجد الذي أغلق أبوابه، وأعاد فتحها باحتشام، وتراها في مساحات «احتكاك اجتماعي» خارج عن طوع نشرات الصحة وتحذيرات مكبرات صوت الجوامع..
اليوم نحن أمام جملتين وفاصلة: إما ننتصر على كورونا.. أو نتعايش معها بما لا يقلل عدد زياراتنا للمستشفيات والمقابر..