في عزلة الرئيس الراحل ياسر عرفات الأخيرة، عندما حاصرته قوات الاحتلال الإسرائيلي في مقر السلطة برام الله عند اندلاع «انتفاضة الأقصى» مطلع هذه الألفية، قيل إن بعض القيادات في السلطة الفلسطينية وفي حركة «فتح»، بعثت إليه مبادرة مكتوبة من أجل فتح حوار يتجاوز الخلافات.
وفي غياب التيار الكهربائي الذي قطعته عليه قوات الاحتلال، كان عرفات يقرأ المبادرة على ضوء شمعة، وعند الانتهاء منها، سارع إلى الكتابة بيد مرتجفة، جملة واحدة قال فيها: «وما تزال المؤامرة متواصلة».
وبغض النظر عن صحة تلك الحادثة من عدمها، فإنها تلخِّص فكرا قائما بذاته، لا يبحث عن أسباب المشكلات من أجل معالجتها، بل «يؤرشفها» تحت عنوان واحد، هو «المؤامرة»، الملف الذي تضخّم أكثر مما ينبغي.
إنها «النظرية» الأكثر جدلا في التاريخ، والتي رغم كل الانتقادات التي وجّهت لها ما تزال منتشرة وبقوة، ويتم اللجوء إليها عندما تغيب المعطيات اللازمة لتفسير ظاهرة معيّنة.
وفي غياب المعطيات العلمية و»العملية» عن سبب حرائق الغابات المتزامنة، على مقربة من فصل الشتاء، لم يجد كثير من الجزائريين تفسيرا إلا هذه النظرية، بعد أن كان تفسير الحرائق في الصيف مرتبطا بعصابات «الفحم»، الذي تنتعش تجارته بمناسبة عيد الأضحى.
وتفنيدا لهذه «المؤامرة»، راح البعض ينشر خارطة عالمية جديدة حمراء من كل جانب، ويقول إنها تتعلق بالحرائق التي تجتاح الدنيا، وإن الأمر يبدو أقلّ حدّة في بلادنا. لكن آخرين طرحوا قراءة مغايرة وقالوا إن ذلك «الاحمرار» متعلّق بنيران المصانع، ولا صحّة لخبر انتشار الحرائق حاليا في العالم ووسائل الإعلام العالمية لم تنقل أي حادثة من هذا النوع في هذا الوقت.
ومع استمرار غياب أو نقص المعلومة، يتواصل الجدل حول صحة «المؤامرة» من عدمّها، ومع الوقت تلتهم ألسنة النيران المزيد من المساحات الغابية، ونخشى أن تتقلص تلك المساحات يوما بعد آخر، إلى أن نفيق على صحراء قاحلة بلا ضفاف، وعوضا عن دراسة الأسباب الحقيقة، نبقى نردّد بنشوة المسطول تفاصيل أخرى عن «نظرية المؤامرة».