دونالد ترمب يرفض نتائج الانتخابات الرئاسية التي أعلنتها هيئات انتخابية ويقرّر القيام بطعون كثيرة، في حين قادة كثيرون في العالم، ومن بلدان هامة، اتصلوا بالمرشح الفائز جو بايدن للتهنئة، وهو ما يعني أنهم يثقون في النظام الانتخابي الأمريكي ولم يعيروا اهتماما كبيرا لموقف الرئيس المنتهية ولايته ورفضه تلك النتائج.
تلك صورة غريبة جدا في واحدة من أكبر الديمقراطيات في الدنيا، في وقت تعد النتائج التي حققها الفائز بايدن رقما قياسيا في عدد الأصوات التي حصل عليها رئيس أمريكي منتخب، فهل هي أزمة نظام انتخابي أم أن الأمر يقتصر على أزمة عند الرئيس ترامب ومقاربته للأمور؟. هل هو حب السلطة أم هو الخوف مما بعد السلطة، وحتى ربما الكشف عن قرارات فيها تدافع بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة، وهي تهم وجهت كثيرا للرئيس ترامب؟
الرئيس بايدن أعلن بشكل واضح أنه سوف يتراجع عن بعض قرارات ترامب ومنها على وجه الخصوص قرار الانسحاب من منظمة الصحة العالمية ومن اتفاق باريس للمناخ، وقد يتراجع عن التعريفات الجمركية المفروضة على أطراف كثيرة، وقد يتراجع عن الأسلوب الفج في ابتزاز من يسميهم الخطاب السياسي لبايدن «الأصدقاء» وعن دور الولايات المتحدة على المستوى الدولي وعن العقيدة الاستراتيجية التقليدية التي تخلى عنها الرئيس ترامب، وقد يتراجع عن إجراءات أخرى كثيرة، لاسيما المنظومة الصحية وعن أشياء أخرى كثيرة.
بقي القول إن جل الأمريكيين عبروا عن عدم رغبتهم في استمرار ترامب وأسلوبه المثير للجدل حينا والمثير للاستغراب أحيانا أخرى، لكن ذلك لا ينسينا أن ما يقرب من نصف الأمريكيين ما زالوا راضين على ترامب وأسلوبه في الحكم وفي التصرف والإدارة، وهو ما يعني أن المجتمع الأمريكي منقسم على نفسه انقساما يحمل خلفيات عقائدية دينية وإيديولوجية وخلفيات مصلحية.
العالم انحاز بسرعة للفائز جو بايدن، إلا عددا قليلا من الرؤساء عبر عن «الوفاء» لترامب، بيد أن الفصل تم ولا أحد من المراقبين والمحللين في الولايات المتحدة، داخل «الاستبلشمنت» بالخصوص، قوى سياسية تقليدية ووسائل إعلام مؤثرة، يعتقد أن الطعون يمكن أن توقف المسار الذي بدأ.