ممّا لا شك فيه أن جو بايدن الرئيس 46 للولايات المتحدة الأمريكية سينتهج نفس خيارات أوباما الطاقوية، فلا ينتظر أن يختلف كثيرا عن الرؤساء الأمريكيين السابقين في تبني أفضل الاستراتجيات، لتقوية الصناعة النفطية المحلية، وإن كان بايدن يميل أكثر إلى خيارات تعزيز الاستثمارات الخضراء وهذا ما سيدفعه في سيناريو أقرب إلى التجسيد، لإعادة تنظيم صناعة النفط الصخري والعودة إلى اتفاقية باريس، لأنه التزم باستثمار غلاف مالي لا يقل عن 1.7 تريليون دولار لإقامة مشاريع ضخمة تسمح بإزالة الكربون من الاقتصاد الأميركي.
نظرة بايدن ومن ثمّ قراراته، يتوقع أن يكون لها تأثير شديد في السنوات المقبلة على السوق النفطية، ولكن من المبكر تحديد سقف إيجابياتها ونطاق سلبياتها، وأقرب تغيير مرشح حدوثه، اختلاف العلاقة التي تربطه بمنظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» عن تلك التي جمعتها بترامب الذي جعل الطاقة في قائمة الأهداف الإستراتجية لبلده، وعمل باستماتة لإلغاء كل ما يعيق الإنتاج المحلي الأمريكي، فتمدّد بعمق في عمليات التنقيب والضرب باللوائح البيئية عرض الحائط وكان الأقرب لأوبك من غيره من الرؤساء. وبالنسبة لبايدن المنتصر للطاقة الخضراء.. هل سيكون الرئيس الذي يقلب الموازين، حيث ينهي على يده عهد هيمنة الطاقة التقليدية ويتسبّب في تهاوي أسعارها إلى مستويات تحبس أنفاس وشهية المستثمرين؟.
وإن كان الاقتصاد الأخضر الذي يتطلع بايدن لإرساء نسيجه، سيكون نعمة على ضوء تقديرات العديد من الخبراء، على خلفية أن إقامة بنية تحتية صديقة للبيئة تتطلب الاستعانة بأجهزة ومعدات تنشط بالنفط، وهذا من شأنه أن يبعد فرضيات إرباك الصناعة النفطية، ويطيل من عمر حاجة الاقتصاد العالمي إلى هذه الثروة الحيوية السوداء، التي سيتواصل تأثيرها في النمو العالمي إلى سنوات أطول.
عيون «أوبك» تتابع بحذر ومن دون انقطاع، ما يرتقب من رفع للعقوبات الأمريكية على إيران في عهد بايدن، وتحضر لفرضية تدفق نفطها في الأسواق من جديد، وبالتالي تأثيرات ذلك على اتفاق خفض الإنتاج المعرض لخطر الانتكاسة، فهل فعلا لن يكون بايدن أقل تأثيرا من كورونا على السوق النفطية؟.. على اعتبار أن رؤية اللقاح النور، سيعيد للسوق توازناتها المفقودة وللاقتصاد العالمي ذروة نشاطه؟.