«إننا في عين الإعصار، والأسوأ قادم. الحرب المعلنة هي أشدها ضراوة ضد وباء وجد في حالات استهتار وتراخي بيئة خصبة للانتشار والفتك بحياة الناس».
تحذيرات تنبه بخطر فيروس داهم. صرخات تطلق بقوة كفى مغامرة بحياة آدمية أعزها خالق السماوات والأرض ووضعها في أعلى مرتبة لحقوق الإنسان وبجّلها أحسن تبجيل. تصريحات تؤكد آن الأوان للانخراط في نظام الوقاية والتأهب وجعل من التدابير الاحترازية واجبا مقدسا وفرض عين.
بعد هذا الهول، هل الرسالة لم تفهم كما يجب، وتستدعي لغة إشارة لفك رموزها ومعناها ومطالبتها بلا توقف الالتزام بارتداء الكمامة، التباعد الاجتماعي والحجر الصحي والعزل المنزلي والامتثال للبروتوكولات الصحية في أماكن تعرف الاكتظاظ والتجمعات كوسائل النقل والمتاجر والأماكن العمومية. كل هذا من أجل مواجهة موجة ثانية من كورونا فرض حالة طوارئ من جديد وأعادنا إلى أولى خطوات المقاومة. وهي محطة أعطت نتائج مطمئنة تكشف عنها تراجع حالات الإصابة والوفيات وعودة الحياة الطبيعية بالتدريج إلى سابق عهدها من نشاط متعدد الأوجه والأبعاد.
لكن هذا التفاؤل بقرب القضاء على كوفيد-19، لم يدم طويلا، ونشوة الانتصار عليه لم تعمر، فعادت التراجيديا الوبائية إلى الواجهة، فارضة قانونها محتمة مراجعة مقاربة صحية وحسابات تعطي لمعادلة محاربة الوباء متانة يستدعيها الظرف ويمليها التحدي.
أمام هذه الوضعية الخطيرة، لم يعد مسموحا التساهل مع من يتلاعب بنظام الأمن الصحي ولا يعيد أدنى اهتمام لحالة الطوارئ التي فرضت نفسها بديلا آمنا للحيلولة دون وقوع كارثة وبائية تضرب عمق الجبهة الداخلية، إحدى أسس الاستقرار الوطني وأكثره متانة على الإطلاق.
إنه خيار أملته وضعية وبائية تجاوزت الخطوط الحمراء بعد تصاعد منحنى الإصابات بصفة مقلقة معيدا إلى الأذهان السؤال المحير ماذا بعد؟
التحدي الراهن، فرض خطة عمل طارئة ثلاثية الأبعاد ممثلة في التطبيق الصارم للبروتوكول الصحي، تزويد المؤسسات الاستشفائية بمستلزمات طبية واعتماد استراتيجية اتصال مرافقة للتحسيس والتعبئة للسيطرة على الفيروس. لكن السلامة الصحية تكسب الرهان وتحقق الغاية بانخراط المواطن الحلقة الأقوى في مكافحة كورونا المستجد اليوم وغدا.