قد يعتبر البعض أن بث التلفزيون العمومي للمقابلة التي جمعت المنتخب الوطني بنظيره الزيمبابوي، أمس، بتقنية «آش-دي» شيئا عاديا لا يرقى ليكون حدثا على الإطلاق، وفي هذا جزء كبير من الحقيقية، بالنظر إلى أنه حتّى بعض الدكاكين التلفزيوينة تبث بهذه التقنية. ولكن على الصعيد الإعلامي وبالنسبة للتلفزيون العمومي تحديدا، تعتبر ثورة وخطوة غير مسبوقة وتحديا رفعته الإدارة.
إن العالم يعيش زمن هيمنة الصورة وعليه لا يمكن الحديث عن حماية أنفسنا من محتوى قادم من الخارج وبأعلى تقنيات البث الرقمي، بواحدة باهتة وبتقنيات تجاوزتها التكنولوجيا؟ لهذا عندما نضع بث مباراة، أمس الأول، في إطارها، يبدو أننا فهمنا أخيرا أن زمن (الوطنية التلفزية) قد ولّى وهناك فقط مشاهد يحمل بين يديه جهاز تحكم يأتيه العالم سعيا بكبسة زر واحدة في رحلة بحثه وانتقائه لأجمل صورة، وأحسن محتوى. ووسط كل هذا، لا يكمن للمنتوج الإعلامي الجزائري الثقيل تحديدا، وفي مقدمته منتوج التلفزيون العمومي، استعادة هذا المشاهد إلا من خلال محتوى راق يسوّق في ثوب جميل كما شاهدنا، يوم الخميس، في مقابلة المنتخب الوطني أين تمتعنا بالفوز والصورة الجميلة معا.
كنّا دائما نتساءل، كيف لا تمتلك مؤسسة إعلامية بحجم التلفزيون الجزائري استوديو للأخبار بمواصفات عالمية ولكن دون أن نجد لهذا السؤال جوابا، اعتقادا منا أن التكلفة العالية وعدم التحكّم في التقنيات حالا دون ذلك، ليتبيّن في الأخير أن المسألة ببساطة تتعلّق بالإرادة، والدليل أنه أصبح للتلفزيون استوديو أخبار يشرّف الإعلام الوطني والأهّم أن هذا الأخير صمّمه وأنجزه مهندسو وتقنيو التلفزيون العمومي.
في زمن معارك الصورة والتلفزيون والمنافسة المحتدمة بين القنوات الكبرى، لم يبق أمامنا إلا خياران وهما، إما دخول الحلبة وإثبات وجودك وإسماع صوتك، أو الانكفاء على النفس وغرس الرأس في التراب كالنعامة، لأنه لا يمكننا صدّ الأبواب والنوافذ ولا سد الأذان أو إغماض الأعين وأن تصل متأخرا خير من أن لا تصل أبدا؟