اليوم يمكننا القول، إن الحلقة اكتملت والجزائر أصبحت محاطة بحزام من الأزمات الأمنية المتفجّرة التي باتت تشكّل مصدر تهديد حقيقي وتحديّا يتطلب المزيد من اليقظة والجاهزية لمواجهة ودرء تداعياته التي لا يمكن إلا أن تكون مريعة ومكلّفة.
فما وراء حدودنا الشرقية المترامية الأطراف، هناك المعضلة الليبية التي تحوّلت خلال عشر سنوات من عمرها بفعل التدخلات الخارجية، إلى صراع دموي أصبح يلقي بظلاله الداكنة على الجوار والإقليم، ويضع الجزائر التي تشارك ليبيا حدودا يفوق طولها 982 كلم في عين الإعصار، خاصة بعد أن تحوّلت الجارة الشرقية إلى نقطة جذب واستقطاب للإرهابيين الذين تم استقدامهم من العراق وسوريا إثر إنهاء مهمتهم القذرة هناك، لخلق بؤرة توتّر بالمنطقة المغاربية التي كانت طول العقود الماضية تنعم بالهدوء والاستقرار، حتى جاء «الربيع الدموي» فكسّر سكونها وأدخلها في متاهة من التحديات الأمنية الخطيرة.
وفي أقصى الجنوب، تجاور الجزائر منطقة ملتهبة وغير مستقرة ومكدّسة بالأزمات السياسية والتهديدات الإرهابية.
فدولة مالي والساحل الإفريقي عموما، أصبح يأوي مختلف التنظيمات الدموية التي تملك قدرات عسكرية وقتالية أحسن مما تملكه جيوش المنطقة، ليشكّل هذا الإقليم السّاخن مصدر وجع لسكانه ومبعث خطر للجزائر، التي لحسن حظّها تعلّمت من تجربتها في مكافحة الإرهاب كيف تتعامل مع هذا التحدي وكيف تحمي أرضها وشعبها من تداعياته.
ولأن المصائب لا تأتي فرادى، وحتى تكتمل الحلقة النارية المحيطة بالجزائر، ها هي المنطقة المتاخمة لحدودنا الجنوبية الغربية تلتهب منذرة بتجدد القتال بين الصّحراويين والاحتلال المغربي، ما يتطّلب أكثر من مجرّد يقظة وجاهزية على المستوى العسكري، كما قلت في البداية، ويتجاوزه لاستنفار كل الإمكانات الدبلوماسية قصد العمل على تطويق هذه الأزمات والسعي لحلحلتها سلميا قبل أن تصل شظاياها إلينا، وعلينا أن نضع صوب أعيننا احتمال أن تكون الجزائر هي المستهدفة ممّا يجري من تصعيد في محيطنا، كما علينا أن نضع في حسباننا مسألة عودة الديمقراطيين إلى سدّة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، ومع عودتهم قد تبعث من جديد ما تسمى بـ»ثروات الربيع العربي»، التي عملت إدارة اوباما – حتى لا ننسى – على دعمها والتهليل لها باسم إقرار الديمقراطية ولم تنتج في واقع الأمر غير المآسي والتوتّرات والآلام.