إن ما أقدم عليه المغرب في منطقة الكركرات هو بالدرجة الأولى عدوان على الشرعية الدولية وعلى قرارات الأمم المتحدة، قبل أن يكون على الشعب الصحراوي، لأنه انتهاك لاتفاق أشرفت عليه الأمم المتحدة نفسها قبل 29 عاما.
يكشف هذا التصرّف المغربي، مدى هشاشة الوضع وإمكانية قيام مواجهة في المنطقة ما لم يتم الإسراع في حل قضية الصحراء الغربية وتمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير مصيره.
ولكن، للأسف، يبدو أن مهمة الأمم المتحدة التي تم إيفادها لهذا الغرض انحرفت عن مهامها الأساسية، المتمثلة في تنظيم الاستفتاء إلى مراقبة وقف إطلاق وهي تفشل حتى في الحيلولة دون انتهاكه، مما يعني أن احتمال اندلاع حرب أصبح من السيناريوهات المطروحة – لا قدر الله – في ظل الإضعاف الممنهج لبعثة الأمم المتحدة ومناورات إفراغها من محتواها والانحراف بها عن مهمتها الأساسية المتمثلة في تنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية وفق ما تدل عليه تسميتها.
وما الضغوطات التي تعرّض لها مختلف المبعوثين الشخصيين للأمناء العامين للأمم المتحدة إلا دليل على تلك الدسائس وآخرهم كان الرئيس الألماني السابق، هورست كوهلر، الذي رمى المنشفة منتصف 2019 هو الآخر بسبب الضغوط والعراقيل ولم يتم تعيين خليفة له إلى غاية كتابة هذه الأسطر.
وكانت البوليساريو جدّدت التزامها بالعملية السياسية على خلفية الديناميكية التي شهدها الملف من خلال الموائد المستديرة التي نظّمتها الأمم المتحدة نهاية العام 2018 وجمعت طرفي النزاع ودول الجوار.
إن المناورة المغربية في الكركرات رهان خاطئ وستجري رياحها بما لا تشتهيه سفن المخزن، لأنها ستعطي دفعا للقضية الصحراوية بعد الركود الذي عرفته منذ أكثر من عام. كما أنّه وعلى عكس توّقعات المغرب، الذي يراهن على إحراز تقدّم في الميدان لفرض سياسة الأمر الواقع لاحقا، استباقا لاستلام بايدن رئاسة أمريكا بعد تعهّده بتحريك رمال القضية. كما أنّ الأكيد، أن إدارته لن تواصل في طبخة ترامب، أي القبول بمقايضة اعتراف واشنطن بسيادة الرباط على أراضي الصحراء الغربية المحتلة مقابل تطبيع هذه الأخيرة مع الكيان الصهيوني على حساب الشرعية الدولية وسمعة واشنطن التي تضرّرت كثيرا.