بعد خرق المغرب لاتفاق وقف إطلاق النار الموقّع مع جبهة البوليساريو، بعد عملية عسكرية شنّها، فجر الجمعة الماضية، بمنطقة الكركرات، يكون النزاع بين الطرفين قد دخل مرحلة جديدة كانت متوقعة، بالنظر لعدة معطيات، أولها نفاد صبر الصحراويين، بعد أزيد من خمسة وأربعين عاما، في انتظار حق تقرير المصير من خلال تنظيم الاستفتاء الذي أقرته الأمم المتحدة.
في أسوإ سيناريو، سيفتح الحدث من دون شك المنطقة على توتر طويل الأمد، بالنظر إلى المؤشرات الأولية، خاصة وأن الاحتلال المغربي لم يكن يتوقع ردّا عسكريا سريعا من البوليساريو على تدخله ضد مدنيين سلميين تظاهروا منذ أيام في الكركرات المتاخمة لموريتانيا ضد انحياز الأمم المتحدة للمغرب، الذي أفرط في نهب ثرواتهم وتصديرها نحو أفريقيا أمام أعينهم.
ما لم يكن في الحسبان قبل العملية العسكرية المغربية، هو حضور بعثة الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء تقرير المصير «المينورسو» في عين المكان منذ اعتصامات المدنيين الصحراويين. وما زاد الطين بلة هو صمتها المريب حيال انتهاكات مغربية واضحة، بل ووصل الحد في بعض الأحيان، بحسب مقاطع فيديو تناقلها ناشطون صحراويون على مواقع التواصل الاجتماعي، درجة تأكيدها دعم المحتل المغربي، في تحدّ صارخ للشرعية الدولية. وكان ذلك الشرارة الأولى لبداية انهيار وقف إطلاق النار الموقع في 6 سبتمبر 1991.
في المقابل، لم تمض ساعات قليلة على بداية الاشتباكات العسكرية بين الطرفين في منطقة الكركرات، حتى خرج الناطق الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، في ندوته الصحفية اليومية، ليؤكد للعالم أنه بعد عودة الحرب، اعترف انطونيو غوتيرس بفشل عملية السلام، معلنا ما كان منتظرا وهو اعتراف أممي بالفشل بعد فوات الأوان.
بهذا التصريح، تكون البوليساريو قد فهمت قواعد اللعبة السياسية الجديدة في النزاع، لاسيما أن العملية العسكرية المغربية جاءت بعد أسبوع من زيارة وزير الخارجية الفرنسي للرباط.