عندما كانت أرقام المصابين بالكوفيد-19 قليلة، قال البعض: هذه حيلة للسلطة لتخويف الجزائريين. وعندما ارتفعت الأعداد هذه الأيام، قال البعض: إنها حيلة من السلطة لتخويف الجزائريين، وتلك تناقضات مثيرة للانتباه ومثيرة للقلق. وسبق أن طرحت تساؤلات كثيرة أخرى ومنها: لماذا انخفضت أرقام الإصابات قبل الانتخابات وارتفعت بعدها؟ كما تم التساؤل: كيف تعترف السلطات العمومية بنسبة ضعيفة للمشاركة في الاستفتاء، ولكنها لا تريد أن ترى أن ضعف المشاركة ما زال يعني أن البلاد ما زالت في بداية طريق محفوف بالكثير من التعقيدات.
طبعا في ذلك ما يعكس أحيانا مناورات سياسوية مغرضة، غايتها تعطيل عملية سياسية للتغيير ولبناء علاقة أخرى مع الرأي العام، وفي ذلك ما يعكس تعقيدات وأشواك في طريق التغيير ويعكس ما حذر منه الرئيس تبون عندما قال: العصابة تحاول العودة ولن نسمح لها.
طبعا هذا يدل أيضا على حجم العمل الذي ينبغي القيام به من أجل انتزاع مصداقية لدى الجمهور، من قبل وسائل الإعلام ومن قبل الخطاب السياسي الإعلامي.
إن الجزائر الجديدة في حاجة لعلاقة أخرى بين السلطات العمومية والناس، بين وسائل الإعلام والمتلقي وبين الخطاب السياسي ووسائل الإعلام. من دون ذلك، ستظل إدارة شؤون المجتمع صعبة وربما قليلة الفعالية. فنوعية الخطاب وقدرته على الإقناع، ينبغي أن تتحسن. محاربة الفساد بكل أشكاله وألوانه ينبغي أن تستمر. تطبيق القانون ينبغي أن يتحسن وأن يشمل أصحاب النفوذ، مثل أصحاب المال وأصحاب السلطة. الخدمة العمومية في شتى المجالات ينبغي أن تتحسن وأن تقوم حملة واسعة النطاق ضد «المحاباة» والرشوة «الصغيرة» وضد كل تجاوزات القانون في الإدارات المتعاملة مع الجمهور، وهو ما يحتم تعميم الرقمنة في كل إدارات الدولة، لاسيما الأساسية منها، مثل أملاك الدولة والضرائب والجمارك وغيرها.
من ناحية أخرى، يعد من مهام السلطات العمومية حماية الرأي العام من كل المعلومات المغلوطة ومن كل المخططات التي تستهدف التشويش على كل جهد وطني للخروج من بقايا النظام السابق والتوجه بقوة نحو جزائر أخرى، تكون فيها المعلومات التي تقدمها السلطات العمومية هي المرجع الذي لا شك فيه.