لم تعد الحروب وحدها ما يدمر الحياة على وجه الأرض، بعد أن استجدت الأوبئة الغريبة المستعصية التي جعلت العالم تحت سقف واحد في مواجهة المخاطر. ورغم أن جائحة كورونا وحدت القناعات العلمية لتعميق البحث بهدف إيجاد أنجع اللقاحات لتوقيف نزيف العدوى، لكن التخوف الكبير بات يكمن في التوزيع العادل لهذا اللقاح حتى لا يقتصر توزيعه على الأغنياء وحدهم.
الدول الفقيرة ينتظرها ظرف عصيب ومعاناة صحية واقتصادية وخناق ضيق بسبب الديون، وهذا ما سيضاعف من فقرها في المرحلة المقبلة، رغم التصريحات العلنية المطمئنة في آخر قمة لمجموعة العشرين التي دعت بجدية لحماية الجميع من كورونا ليشفى العالم، ومن ثم تحسين بنية الديون العالمية. وهناك من رافع لمقترح التسامح في ديون الدول الأكثر حاجة للسيولة المالية بهدف الحفاظ على قيمة عملات الدول الضعيفة، بما يفضي إلى تعزيز التجارة والاقتصاد في العالم، في وقت قادة «جي.20» مدركون جيدا أنه لا مفر من التركيز على مضاعفة الاستثمارات في مجال الأنظمة الصحية لمواجهة أي طارئ صحي يقلب الأمور رأسا على عقب، وعندما يتعلق الأمر بالصحة والحياة جميع البشر ينبغي أن يكونوا على قدم المساواة.
تضمن البيان الختامي لزعماء قمة المجموعة، التزامهم بتمويل توزيع عادل للقاح كورونا وتوفير الأدوية والفحوصات حتى لا تحرم منها الدول الفقيرة التي ترضخ تحت وطأة الوباء وتئن من البطالة ومحاصرة بارتفاع ديونها، ولم تعارض مبادرة تمديد تسديد خدمة الديون عن هذه الدول لمدة 6 أشهر إضافية، لكن في ظل غموض فعالية اللقاح واستحالة وصوله بسرعة إلى الدول الفقيرة، يمكن الحديث عن المزيد من تداعيات الفيروس على الأرواح والنمو في الدول النامية.
التوجس يزداد حدة مع تضارب التصريحات المتشائمة، آخرها المخاوف التي طرحها «ديفيد نابارو» مبعوث منظمة الصحة العالمية الخاص بفيروس كورونا، الذي أثار مجددا القلق، إثر تحذيراته حول اقتراب القارة العجوز من موجة ثالثة لفيروس «كوفيد.19» مع مطلع 2021، إذا لم يتم تجهيز البنى التحتية بصورة مستعجلة. بالموازاة مع ذلك، توقع «نابارو» أن تكون أعنف وأشرس من الموجة الثانية التي اشتعلت شهر أكتوبر الماضي. وتجاهل هذا المبعوث النتائج الايجابية المحققة في بعض اللقاحات… فهل سيبقى هذا الفيروس مستعصيا على المخابر العلمية مدة أطول؟