من المفارقات الجديدة للاتحاد الأوروبي هذه المرة أن دوله الأعضاء في مجلس الأمن، الدائمة منها وغير الدائمة، هي من رمت بثقلها من أجل عقد اجتماع لمجلس الأمن حول إقليم تيغراي في إثيوبيا.
وهي من أصّرت على إبقاء الاجتماع مغلقا، بالرغم من دعوات إفريقية لترك المجال لوساطة كان من المفروض أن تقودها أسماء قارية وازنة. غير أن إصرار أوروبا على عرض الملف على مجلس الأمن استبق حتى وصول تلك الشخصيات الإفريقية إلى إثيوبيا، في مشهد يعيدنا إلى ما حصل مع وفد الوساطة الإفريقي الذي كان من المزمع إيفاده إلى ليبيا العام 2011 والجميع يعرف كيف استبقت طائرات «رفال» الفرنسية وصول ذلك الوفد إلى وجهته؟!
في الجهة المقابلة من القارة الإفريقية وعلى مرمى حجر من القارة الأوروبية، هناك بوادر حرب قد تندلع وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان الصحراوي، غير أن مجلس الأمن لم يحرّك ساكنا رغم مرور 15 يوما على اعتداء الكركرات، كما لم تتحرّك الدول الأوروبية الأعضاء في مجلس الأمن كما فعلت مع إقليم تيغراي؟
علما أن النزاع في الصحراء الغربية ملف أممي أصلا والأمم المتحدة هي من أشرفت على وقف إطلاق النار بين طرفيه وهي من أوفدت بعثتها إلى الصحراء الغربية لتنظيم الاستفتاء «مينورسو».
لكن يبدو أن التصرّف السلبي لمجلس الأمن، بخصوص ما يحدث في منطقة الكركرات، يؤكد فرضية مفادها، أن عدم إيفاد مبعوث أممي (بعد 18 شهرا على رمي هورست كوهلر المنشفة والذي دفع إلى ذلك دفعا بسبب ضغوط وعراقيل)، كما كشفت العديد من التقارير الإعلامية – وليس لظروف صحية، كما يروّج له؟ يؤكد أن هناك إرادة غير سليمة لتعطيل الملف وحرمان الشعب الصحراوي من حقّه في تقرير مصيره.
ومع كل هذا لم نسمع للدول الأوربية صوتا في مجلس الأمن حول ما يحصل من انتهاكات في الكركرات وفي الأراضي الصحراوية المحتلة، بينما يطالعنا البرلمان الأوروبي بقرار يزعم فيه تدهور وضعية حقوق الإنسان في الجزائر وهو القرار الثاني خلال سنة واحدة في مفارقة أخرى محمّلة بالانتقائية والانحياز ولا تراعي أدنى معايير الموضوعية والحياد؟!