قبل أيام قليلة «احتفلنا» بمرور الذكرى الرابعة لـ«حفرة بن عكنون»، التي أثارت لغطا كبيرا وأسالت كثيرا من الحبر، عندما تحوّلت إلى ما يشبه «الثقب الأسود»، الذي ابتلع كثيرا من مياه المجاري، وكثيرا من أموال الصفقات العمومية التي صُرف كثير منها على مشاريع ينكشف عيبها عن أبسط عامل طبيعي موسمي.
إنها الحادثة التي نالت متابعة إعلامية متواصلة، لكن عوضا عن كشف أسباب حدوثها، وُجّهت الأنظار إلى عملية طمسها التي استهلكت أموالا إضافية، ونسي الجميع إلى حين إمكانية بروز مثيلاتها في أمكان قريبة أو بعيدة، ففي الأرضية ذات الطبقات نفسها، ومع المقاول الغشاش نفسه لا يمكن إلا أن نتوقع «أخوات» للحفرة.
ولأننا نعاني في كل الحالات، فقد عانينا كثيرا من موجة جفاف تسببت في تراجع منسوب مياه السدود، وفي حرائق للغابات تبيّن أخيرا أن بعضها مفتعل، وها نحن نعاني من جديد مع أمطار الخير التي انتظرها كثير منا وقد تتحوّل إلى نقمة كبيرة، ونحن نشهد اختناق حركة المرور، وخطر حوادث يتكرر في كل طريق.
هو الوضع الطبيعي الذي أصبح عندنا استثنائيا، تحسب له السلطات العمومية ألف حساب، وتسخّر له مصالح الدرك الوطني والمديرية العامة للأمن الوطني كل قواها من أجل تحقيق انسيابية في حركة المرور، مع حالة تأهب لمواجهة الأسوأ لا قدّر الله.
هي الأمطار التي يقول مختصون إنها أقل من «المعدّل الموسمي»، لكنها تتسبب في فضح كثير من المشاريع المزيّفة، ويتجاوز الأمر الجسور وقنوات الصرف الصحي إلى أساسات بعض العمارات والمباني.
قبل أربع سنوات كان وزير الأشغال العمومية يملأ شاشات الفضائيات، وهو يؤكد أن «حفرة بن عكنون» ستختفي في ظرف قياسي، لتعود حركة المرور إلى طبيعتها، وبالفعل تجاوزنا الأمر لا بفضل سياسته، وهو الذي يقبع الآن بالسجن متابعا في قضايا فساد مالي وسياسي، بل «الفضل» يعود إلى الجفاف الذي ضرب البلاد بعد ذلك ومنع الحفرة من التمدّد..