إن ما ينبعث من صورة وضع العالم وهو ينتظر «إنتاج وتوزيع» لقاح لكوفيد-19، يؤشر لكون البشرية عاجزة وفي الوقت نفسه «تكافح» من أجل التغلب على عجزها.
إنتاج اللقاح، وبالرغم من الإعلانات الصادرة في الولايات المتحدة بالخصوص، ليس تحصيل الحاصل بعد، فدونه اعتمادات، الجهات المختصة في كل بلد، وقبلها اعتماد منظمة الصحة العالمية، أما توزيعه فهو إشكالية أخرى أكثر تعقيدا.
ليس خافيا أن العلاقات الدولية لا تتسم لا بالعدل ولا تخضع بالضرورة لقواعد أخلاقية، فبالرغم من دعوات منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة إلى «توزيع عادل» للقاح، غير أن ذلك ليس من باب تحصيل الحاصل أيضا.
وإذا كان الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته قد استثنى مثلا ولاية نيويورك من الحصول على اللقاح وأثار ذلك جدلا كبيرا، ولم يفهم أحد ذلك الموقف إلا كونه انتقاما من الولاية لأنها لم تصوت له، فإن موقف الإدارة الأمريكية من عدد من البلدان والاعتبارات التي قد تتحكم في مسألة بيع اللقاح قد تكون موضوع أزمة دولية أخرى.
الأزمة قد تكون أعمق إذا ظل إنتاج اللقاح موضوع احتكار شركة واحدة أو تحالف شركات وفي بلد واحد هو الولايات المتحدة، فإذا لم تكن هناك منافسة فعلية بين مخابر وشركات كثيرة في بلدان عديدة، فإن مسألة الحصول على اللقاح لن تكون بالمسألة الهينة.
ينبغي تبعا لذلك الاستعداد لكل الاحتمالات، ومنها صعوبة الحصول على اللقاح لأسباب سياسية أو إيديولوجية. والجزائر لم تتعود القبول بأيّ شروط وهي غيورة على سيادتها، وهو ما أكده الرئيس تبون في مناسبات عديدة، ومنها أن الاحتكار سيجعل السعر عاليا وربما غير مطاق من قبل بلدان عديدة، ومنها أن توفير شروط استقبال اللقاح الصحية وشروط توزيعه في ظروف مواتية تضمن صلاحيته وفعاليته، أمر قد يكون على درجة غير بسيطة من التعقيد وأيضا موضوع تكاليف ربما باهظة جدا.
وفي الخلاصة، فإن أزمة «كوفيد-19» قد تتلوها أزمة اللقاح، فضلا عن أزمات دولية، بسبب إجحاف قد تفرضه سياسات متوقعة عند من سيحتكرون اللقاح، ثم أزمات اقتصادية ونفسية داخلية متنوعة ينبغي الاستعداد لها على كل المستويات، على المستوى الدبلوماسي وعلى مستوى السلطات العمومية وعلى مستوى المؤسسات الاقتصادية.