أخطأ البرلمان الأوروبي الهدف في خرجته الثانية غير البريئة، بتوجيه تهما باطلة ضد الجزائر دون وضع في الحسبان أخلاقيات السياسة وقيمها.
اختار هذا البرلمان، بمكر، الظرف لتوجيه سمومه المعتادة، جاعلا نفسه ناطقا رسميا للوبيات مؤثرة، دأبت على معاداة جزائر قررت استكمال مشروعها الوطني وتعزيز دولة مؤسسات باستقلالية قرار وسيادة توجه.
لم ينظر البرلمان الأوروبي إلى التحول الجزائري، الذي كسر كل تبعية للآخر وإملاءاته، فراح يعيد سلوكا اعتاد عليه في نظرته إلى الجزائر، مفضلا إصدار لائحة مجانية بشأن وضعية حقوق الإنسان فيها، تنم عن «وصاية وأبوية» تعود إلى حقبة استعمارية تحررت منها البلاد وشرعت في إقامة دولة تقيم علاقات احترام مع غيرها وترفض التدخل في شؤونها.
لم يرد أي موقف للبرلمان الأوروبي تجاه حراك سلمي أعطى المثل الحي لأي حركة تناشد التغيير بأسلوب حضاري ومقاربة لإقامة دولة جزائرية جديدة، تتبارى فيها مشاريع البناء ونماذج الإنماء وتضع حقوق الإنسان في قائمة الأولويات. غضّ الطرف عن هذا الحراك الذي شغل الورى، وتجاوزت صداه حدود الجغرافيا وأغمض عينيه عنه كأنه حدث عابر.
لم يُعر البرلمان أي اهتمام لأشياء كثيرة قررتها الجزائر في مسار التغيير والإصلاحات، فانخرط في حملة مسعورة ضدها، يقودها عملاء ومأجورون بسبب مواقفها المبدئية في مساندة قضايا التحرر في العالم، في مقدمتها الصحراء الغربية وفلسطين.
من خلال لائحته، عبّر البرلمان بوضوح عن تبعية مطلقة للوبيات لم تهضم استقلال الجزائر وتقبل مواقفها، اخترقته وصارت تتحكم في قراره وتوجيه سياسته حسب ما تتطلبه مصلحتها وما يمليه صراع النفوذ وحسابات الجيو-إستراتيجية.
وضع البرلمان الأوروبي نفسه في خدمة لوبيات منتهجا سياسة الكيل بالمكيالين، قافزا على مبادئ وأهداف، متجاهلا تدهور حقوق الإنسان في أكثر من دولة بالاتحاد الأوروبي وتجاوزات ترتكبها أجهزة أمن يوميا ضد متظاهرين مسالمين يطالبون بحقوق مشروعة.
بقي البرلمان الأوروبي صامتا تجاه العنصرية في الاتحاد وتصاعد حمّى الإسلاموفوبيا، متنكرا لغايات أسس من أجلها متخليا عن وظيفته بمراقبة السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي بدل حشر أنفه في ما لا يعنيه.