ينظر إلى الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن القادم الجديد للبيت الأبيض، المحمّل بنوايا رأب الصدع وإعادة ترتيب الأوراق التي أخلطها ترامب المنتهية عهدته، على أنه سيعيد الاعتبار للتفاوض وتعبيد قنوات الحوار مع مختلف الشركاء سواء كانوا كبارا أم صغارا، في وقت تنتظر بايدن مهام متعددة وملفات ثقيلة في صدارتها التصدي لآثار إجراءات الغلق بفعل جائحة كورونا التي تراجع على إثرها اقتصاد بلاده بـ 7 بالمائة، أفضت إلى قفز الدين الداخلي الأميركي إلى أعلى مستوياته، فتعدى سقف 27 تريليون دولار، يضاف إليها الميزانية العامة بما لا يقل عن 3 تريليون دولار.
يعود الديمقراطيون ممثلين في بايدن إلى البيت الأبيض، لكن هذه المرة في مواجهة أزمة اقتصادية مقلقة، تحتاج إلى الوقت والجهد والرؤية الواقعية الجادة، تبدأ من المهادنة عبر صبّ الماء على فتيل الحرب التجارية مع الصين، على خلفية أن ثلثي واردات الولايات المتحدة تأتي من الصين، وإن كان يرتقب أن تعدل أمريكا من خططها التجارية، عبر تنويع الشركاء مع الإبقاء على الصين بحثا عن التشبيك والمنتجات الأقل ثمنا في دول أخرى، وإنهاء الحصار المفروض على شركاء أمريكا، ينطلق بداية من التعاون مع المنظمات الدولية وفي صدارتها منظمة التجارة العالمية التي فقدت خلال السنوات الماضية سلطتها وحقها في التحكيم في مختلف النزاعات التجارية.
هناك من يتوقع أن السياسة الاقتصادية التي انتهجها أوباما، لن تختلف عن نظيرتها في العهدة المقبلة لبايدن، لكن يجب وضع بعين الاعتبار أن الظروف مختلفة والتحديات ليست متشابهة والعالم خلال الأربع سنوات الماضية تغير وتطور، وهذا ما سيدفع أمريكا نحو التمسك بأدوات التطور التكنولوجي بيد من حديد لتحصن نفوذها وتبقي على تفوقها، بينما تترك الصين في الملعب التجاري.
يمكن لبايدن أن يدفع بالنمو الاقتصادي العالمي نحو الأمام بتفكيك الألغام التي زرعها ترامب، في وقت التحضير لفترة ما بعد كورونا سينطلق بقوة عقب الشروع في التلقيح، وبالتالي عودة نشاط منظومة الاقتصاد العالمي، التي تعني انتعاش الطلب على النفط، وقفز الأسعار إلى مستويات عادلة بالنسبة للمنتجين والمستهلكين، لأن قناعة بايدن ستتجه في حظر الاستثمار في الوقود الاحفوري واستبدال ذلك بالطاقة النظيفة لتعميم الاقتصاد الأخضر، انطلاقا من أمريكا نحو بقية دول العالم وهذا ما سيقلص ولو لفترة تدفقات الزيوت الصخرية.