يواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي نراه هذه الأيام يملأ الشاشات ويثير جدلا كبيرا بتصريحاته المستفزّة حول الإسلام وحرية التعبير وضعا لا يحسد عليه، حيث يجد نفسه مطوّقا بمجموعة من الأزمات التي باتت تلتفّ حول عنقه وتضيّق عليه الخناق ما يجعل طموحه في انتزاع ولاية ثانية بانتخابات 2022 على المحك.
لماّ وصل ماكرون إلى سدّة الحكم في فرنسا سنة 2017، قدّم صورة لمواطنيه وللعالم تظهره على أنه القائد الشاب الذي سيحدث تحوّلا جوهريا في البلاد ويحقّق الإصلاحات التي تحسّن الأوضاع الاقتصادية ومن خلالها الظروف المعيشية وتعيد لفرنسا مكانتها على المستوى الدولي، لكن ما أن مرّت السنة الأولى من ولايته، حتى اصطدم ساكن الإيليزي الجديد بسلسلة من التحدّيات والأزمات بدأت في نوفمبر 2018 بحركة «السترات الصفراء» الاحتجاجية التي خرجت في البداية للتنديد بارتفاع أسعار الوقود، وتكاليف المعيشة عموما، ثم امتدت المطالب لتشملَ إسقاط الإصلاحات الضريبية التي سنّتها الحُكومة، وتطوّرت الأمور فيما بعد لتصل إلى حدّ المناداة باستقالة ماكرون نفسه.
ورغم القمع البوليسي المريع الذي تعرّضت له، فقد استمرت احتجاجات « السترات الصفراء « لأكثر من سنة، وما كاد زخمها يخفّ، حتى تلتها إضرابات عامة في فصل الشتاء الماضي على خلفية تعديل نظام التقاعد في البلاد.
ولما هدأت الإضرابات قليلا وشرع ماكرون في طرح مشاريع نصف الثاني من ولايته، تفشى فيروس كورونا عالميا، لتدخل فرنسا ككل دول المعمورة في حالة «حرب» مع العدو الجديد الذي رهن الأمن الصّحي وأضرّ بالاقتصاد وضيّق حياة الناس ورفع من مستوى نقمتهم واحتقانهم، لتتزايد متاعب الرئيس ومصاعبه مع وقوع بعض العمليات الإرهابية كقطع رأس مدرّس ومقتل ثلاثة أشخاص داخل كنيسة، ولأن المصائب لا تأتي فرادى، ها هو ماكرون يواجه عاصفة جديدة من الاحتجاجات بسبب «قانون الأمن الشامل» الذي ينص في مادته 24 على سجن كل من يبثّ صورا لعناصر الشرطة والدرك أثناء عملهم.
تأتي هذه الأزمات كلّها لتخلط حسابات ماكرون الذي لم يحظ يوما بشعبية جارفة، وإذا لم تحصل معجزة صحيّة تنهي كابوس كورونا وتداعياته القاتلة، فإن مصير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقبله سلفيه نيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند اللذين أخفقا في بلوغ عهدة رئاسية ثانية سيكون بالمرصاد.