اللّقاح الروسي فعّال بنسبة 95 بالمائة وسيكلف حوالي 18 دولارا
الجيش الجــزائري أصبح أقوى الجيوش في إفريقيا
في حوار خصّ به «الشعب»، أكّد السفير الروسي بالجزائر إيغور بيليايف على جاهزية لقاح «سبوتنيك v « وإمكانية تصنيعه بالجزائر.
وعبّر السفير عن ارتياح بلده لمستوى الحوار السياسي بين القيادتين الجزائرية والروسية، مما يسمح بتطوير وتعزيز العلاقات بين البلدين على كافة المستويات لاسيما التعاون العسكري والصناعي. وعرّج على مختلف القضايا والنزاعات القائمة في العالم العربي، مؤكدا أن بلاده تتقاسم نفس الرؤية مع الجزائر اتجاه حق الشعوب في تقرير المصير.
«الشعب»: أعلنت روسيا أنها توصلت إلى لقاح فعّال ضد «كوفيد 19»، متى تنطلق عملية التصدير للدول التي تقدّمت بالطلب؟
السفير إيغور بيليايف: مؤخرا كان هناك اجتماع بين رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين والفريق الحكومي أعطى من خلاله الرئيس، تعليمات للشروع في عميلة التلقيح في روسيا باستخدام اللقاح «سبوتنيك v « بحر هذا الأسبوع.
وباعتبار أن روسيا كانت من أولى الدول في العالم التي أنتجت وسجّلت لقاح ضد كورونا فيروس، والتي يتواجد في المرحلة الثالثة من الاختبارات السريرية، أثبتت التجارب فعاليته بنسبة 95 بالمائة، تقدمت على هذا الأساس بطلب إلى منظمة الصحة الدولية لتسجيله رسميا، من أجل تلقيح المواطنين الروس باعتبارهم أولوية الحكومة.
وفي نفس الوقت فإن روسيا مستعدة لتزويد كل العالم بلقاح «سبوتنيك v « الذي يعتبر من بين اللقاحات الروسية الأخرى التي أثبتت فعاليتها على غرار لقاحي مختبر «فيغتر» ومعهد «شوماكوف»، وهو ما يعني أن المواطن الروسي سيكون أمام عدة خيارات.
نفس الشيء بالنسبة للبلدان التي تطلب من روسيا تزويدها باللقاح على غرار الجزائر التي نتواصل معها باستمرار، ونحن مستعدون لتزويدها بأي نوع من هذه اللقاحات وكذا حتى التعاون في تصنيعه وإنتاجه بالجزائر، إذ اقتضى الأمر ذلك.
– صرّح مؤخرا مدير الصندوق الروسي للاستثمارات أن هناك إمكانية لإنتاج اللّقاح الروسي في الجزائر، هل من توضيح؟
نحن نقترح على الدول الأجنبية مختلف الصيغة في إطار التعاون الصناعي للحصول على اللقاح، أولى هذه الاقتراحات هو الاقتناء المباشر، في المقام الثاني تصدير التكنولوجية ومن ثم إنتاجه محليا، الاقتراح الثالث هو إنشاء مشروع مشترك، ونحن منفتحين على جميع الاختيارات المذكورة.
وبهذا الصدد، روسيا وعن طريق المستثمرين، تقوم بواسطة الرصيد السياسي للاستثمارات المباشرة، منذ الصيف الفارط، بالتواصل والتنسيق مع الوزارات المختصة الجزائرية على غرار وزارتي الصحة والصناعة الصيدلانية إلى جانب معهد باستور، وكذا اللجنة العلمية من خلال التواصل عبر تقنية الفيديو المرئي.
ولكن لحد الآن، فإن الحكومة الجزائرية لم تقدم طلب لنظيرتها الروسية من أجل اقتناء اللقاح الروسي وأنا متأكد أنه في حال تم ذلك، فإن روسيا لن تدخر أي جهود للتعاون ومنح اللقاح الروسي للجزائر.
– هل تم تحديد سعر اللّقاح الروسي «سبوتنيك v » ؟
اللقاح الروسي يتكون من جرعتين سعر كل جرعة أقل من 10 دولارا بمعنى أن اللقاح الروسي سيكلف حوالي 18 دولارا، وقد ينخفض السعر أكثر بوجود الطلب، الذي يبلغ مثلا اليوم في العالم مليار ومائتين، وفي حال كان الطلب أكثر فحتما سينخفض السعر.
– بعض الدول تشكك في جودة وفعالية اللقاح الروسي؟ هل تحمل هذه المواقف طابعا سياسيا أو اقتصاديا؟
فيما يتعلق بالشكوك المعبّر عنها من قبل بعض الدول لاسيما الغربية بخصوص درجة فعالية اللقاح الروسي، فإنها مجرد انتقادات ذاتية تفتقر إلى الموضوعية.
هناك سباق وتنافس شرس في العالم من ينتج أحسن وأفضل لقاح من حيث الفعّالية عبر مختبرات الدول المتقدمة في أوروبا وأمريكا والصين، وفي ظل هذا التنافس هناك عامل التشويش على المنافس، وهذا ما يتعرض له اللقاح الروسي من دعاية مغرضة.
– كيف تقيّمون واقع العلاقات الروسية الجزائرية ؟
علاقتنا بالجزائر تتطور وتتعزز على كافة المستويات، كما أن روسيا مرتاحة لمستوى الحوار السياسي بين القيادتين الروسية والجزائرية، ولا أخفي عليكم أن التواصل بين الرئيسين فلاديمير بوتين ونظيره الجزائري مستمرة دائما، منذ أول لقاء جمعهما في العاصمة الألمانيّة برلين على هامش المؤتمر الدولي حول ليبيا، أين تبادلا أطراف الحديث قبل أن يوجه الرئيس بوتين الدعوة لنظيره تبون من أجل القيام بزيارة الى روسيا، وبهذه المناسبة نتمنى الشفاء العاجل والنقاهة الكاملة للرئيس تبون، وكان الرئيس الروسي من السباقين لإرسال برقية دعم لنظيره تبون، أين عبر له من خلالها عن دعمه متمنيا له الشفاء.
أما بخصوص الزيارة فقد تم التطرق لهذا الموضوع خلال الزيارة التي قام بها وزير الخارجية صبري بوقدوم إلى موسكو، شهر جويلية الفارط، خلال محادثاته مع نظيره الروسي، حيث اتفقا الطرفان على التحضير الجيد لهذه الزيارة التي ستكون بمثابة مرحلة جديدة بين البلدين، في تعزيز العلاقات الصناعية.
كما اتفقا كذلك على خطوات مشتركة منها عقد لجنة التعاون الاقتصادي التجاري، وكذلك عقد لجنة التعاون العسكري التقني، إلى جانب التوقيع على بعض المشاريع المشتركة بين الحكومة الروسية والجزائرية، وأنا متأكد أنه بعد استتباب الوضع والشروع في عملية التلقيح سيتم ضبط موعد الزيارة التي نسعى من خلالها رفع مستوى الحجم التجاري بين البلدين بالنظر لقدرات روسيا والجزائر.
– الجزائر شريك استراتيجي وتقليدي مع روسيا في مجال الدفاع، كيف تقيّمون هذه التجربة؟
كل ما بإمكاني قوله هو أن التعاون العسكري بين البلدين يتطور بشكل جيد وفي إطار المنفعة المتبادلة لصالح الشعبين.
كما سمح هذا التعاون بتعزيز القدرات الدفاعية الجزائرية وأكبر دليل صمود الجزائر أمام كل الحملات التي طالتها في الفترة الأخيرة عكس بعض الدول في المنطقة التي شهدت انهيارا وتدخلا لأطراف خارجية.
فالجيش الجزائري يستمد قوته من الشعب، ولا أحد ينكر أن الجيش الجزائري أصبح أقوى الجيوش في إفريقيا وهذا باعتراف ليس روسيا فحسب بل وفق المعايير الدولية.
– الجزائر وروسيا تصدران الغاز لأوروبا، هل تنظر روسيا إلى الجزائر على أنها منافس أم شريك في هذه السوق؟
روسيا تنظر إلى الجزائر كشريك مهم في تصدير الغاز رغم أن كلانا يصدر تقريبا لنفس المنطقة، هناك توزيع جغرافي، فمثلا روسيا تصدّر الغاز إلى دول شمال أوروبا، بينما تصدر الجزائر إلى دول جنوب أوروبا بما فيها دول حوض المتوسط.
لهذا نجد في أغلب الأحيان تفاهم كبير بين روسيا والجزائر في إطار المنظمة الدولية للغاز والتي تعتبر الجزائر عضوا فعالا فيها، وكانت الحكومة الجزائرية قد أعلنت مؤخرا عن إنشاء معهد للغاز في الجزائر.
التعاون الروسي الجزائري لا يقتصر في المجال الطاقوي على الغاز فحسب بل يشمل النفط كذلك فروسيا والجزائر يتشاوران باستمرار في إطار منظمة أوبك + من أجل المساهمة في تسقيف الأسعار، روسيا تعتبر الجزائر شريكا مهما بالنسبة لها والسنوات الأخيرة أثبتت ذلك من خلال التحالفات بين البلدين في هذه الأطر.
– لا يوجد مركز ثقافي روسي في الجزائر ليومنا هذا لماذا؟
غياب مركز ثقافي روسي يضعف الثقافة الروسية في الجزائر، منذ تواجدي في الجزائر خلال السنوات الثلاثة الفارطة، لاحظت تزايد الطلب من مواطنين جزائريين على اللغة الروسية وكذا سماع الموسيقى الروسية، التي تعتبر من أعرق الثقافات في العالم.
وأمام كل هذه المعطيات ارتأينا أن نتقدم إلى وزارة الخارجية الجزائرية بورقة مسودة مشروع إنشاء مركز ثقافي روسي بالجزائر ومركز ثقافي جزائري في موسكو، ومن المقرر أن يتم ضبط موعد على مستوى من قبلها لتحديد الصيغة النهائية لهذا المشروع الذي سيتم التوقيع عليه خلال الزيارة المتبادلة في المستقبل القريب قبل افتتاحه بشكل رسمي.
– كيف تفسرون تواجد القوات الفرنسية والأمريكية في منطقة الساحل تحت غطاء مواجهة الإرهاب؟
روسيا من أصحاب النظرية التي ترى أن حل أي أزمة مهما كان نوعها تعود بالدرجة الأولى لدول المنطقة، بمعنى آخر، ما يحدث في إفريقيا من أزمات ونزاعات من المفروض أن تعود الكلمة للأفريقيين وإذ احتاج هؤلاء إلى المساعدة فما عليهم سوى التوجه بطلب إلى المنظمات والهيئات الدولية والإقليمية.
وبعد تلقي الموافقة من مجلس الأمن أو من الاتحاد الإفريقي، يمكن إرسال قوات إلى تلك المنطقة، وهذا هو المسار الحقيقي عكس ما تقوم به بعض الدول من تدخلات بقرارات أحادية وهذا الأمر لا نحبذه.
– ما هو موقفكم مما يجري في ليبيا؟
روسيا تعرف جيدا جذور الأزمة اللّيبية، فلولا تدخل الدول الغربية وحلف الناتو الذي أدى إلى تدمير الدولة الليبية، لما وصلنا إلى هذا الوضع المأسوي.
ما لمسناه في الشهور الأخيرة، أن هناك مؤشرات ايجابية منها اجتماع اللجنة العسكرية 5+5، إلى جانب عقد سلسلة من اللقاءات في جنيف وغيرها من مدن العالم، والتي أسفرت كبداية عن تفاهمات سياسية، منها ضبط موعد الانتخابات الرئاسية، وانتخابات مجلس رئاسي مشكل من كل الأقاليم وشرائح المجتمع الليبيين، إلى جانب الاتفاق على المناصب السياسية كان ذلك في الحوار الليبي بتونس وكذا المؤتمرات المنعقدة في ليبيا بين الأطراف الليبية.
ونحن بدورنا نتمنى النجاح لكل هذه المساعي التي تبقى تحتاج لحوار جاد بين الأطراف الليبية للتوصل لحل يشمل على الأقل طرد الأطراف الأجنبية التي تقاتل في ليبيا، رغم أن ذلك يحتاج إلى جهد كبير.
– الملف السوري يعتبر أهم ملف تسعى روسيا إلى إيجاد حل له، فما مآل المسار السوري اليوم؟
الأزمة السورية تعرف تطورا يوما بعد يوم، منذ تسع سنوات، أريد هنا فقط أن أوضح نقطة مهمة بالنسبة للأزمة السورية، فلولا مساعدة روسيا ودعمها للحكومة السورية لتمكن التنظيم الإرهابي «داعش» من الوصول إلى العاصمة دمشق، وانتشر في كل أرجاء البلد وتحولت سوريا إلى بؤرة للإرهاب.
ولحسن الحظ أن الجهود المبذولة مكنت من كبح نشاط الجماعات الإرهابية الحاملة لحوالي 80 جنسية مختلفة من كل أنحاء العالم من بينهم روس، وهذا من بين أحد أسباب تدخل روسيا في الأزمة السورية.
– عبّرت السلطة الفلسطينية عن أملها في أن تقوم روسيا بدور كبير بعد تخلي أمريكا عن دور الوسيط، ما رد فعلكم؟
أعتقد أن المواقف الروسية اتجاه القضية الفلسطينية متطابقة مع مواقف الجزائر، روسيا ترى أن القضيّة جوهرية وبدون حل لهذه القضية لن يكون هناك استقرار للوضع في الشرق الأوسط، الشعب الفلسطيني عانى كثيرا من حرمانه من حقوقه بل حتى في إقامة دولة مستقلة.
وبصفتها عضو في المجلس الأمن الدولي، وكذا عضو فاعل في اللجنة الرباعية لشرق الأوسط تعمل على إحياء المفاوضات الفلسطينية والإسرائيلية لتوصل إلى حل عادل يلبي طموحات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشريف.
– صرّحتم مؤخرا أن المواقف الجزائرية والروسية حول حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره متطابقة؟
بصراحة ما يحدث في الصحراء الغربية يقلقنا كثيرا، بدليل أن روسيا لم تتوان في دعوة الأطراف المتنازعة إلى ضبط النفس والالتزام بالاتفاقية العسكرية لسنة 1991 مباشرة بعد أحداث الكركرات، وهو نفس الموقف التي دعت إليه الجزائر، إلى جانب ضرورة الإسراع في تعيين مبعوث خاص للأمين العام للأمم المتحدة، من أجل إعادة الحيوية لمسار المفاوضات.
كما تدعو روسيا كذلك البوليساريو للعودة إلى طاولة المفاوضات على أساس قرارات الأمم المتحدة وستواصل روسيا بذل كل جهودها من أجل تسوية هذه القضية.
– كلمة أخيرة
بمناسبة السنة الميلادية الجديدة نتمنى للجزائر حكومة وشعبا سنة سعيدة والمزيد من التطور والازدهار.