من أقدس الحروب، التي يجب أن تخاض ويشارك فيها الجميع، هي الحرب على الفساد لأنّ الدمار الذي يخلّفه يفوق الحروب نفسها، وما اتخاذ يوم عالمي لمكافحته إلا دليل على أنّه آفة كونية أتت على الأخضر واليابس في كوكب الأرض؟.
إن الفساد هو أكبر خطر على الأمن والاستقرار وعلى سلامة الدولة واستمرار مؤسساتها لأنّه يأتي على البنيان من القواعد، بل هو أخطر من الإرهاب ومن المخدرات ومن العدوان الخارجي حتى، لأنه السرطان الذي تجتمع فيه كل هذه الخبائث والتهديدات، فكم من حصون محصّنة تم اختراقها وحدود تم انتهاكها بسبب الفساد وشراء الذمم؟.
في الجزائر آثار الفساد المدمّرة ماثلة فقد كبّد بلادنا الملايير من الدولارات تم نهبها وتحويلها إلى وجهات مجهولة لينتفع بها الغير، بينما تتعطّل المشاريع وتعرقل التنمية عندنا، ولولا ذلك لما كان هناك مناطق ظل ومدارس بدون إطعام ولا نقل لا طرقات غير معبّدة، دون الحديث عن استيراد الخردة والحجارة والقمح الفاسد وحديد البناء المشّع مقابل ملايين الدولارات من الخزينة العمومية، أما الرداءة فأيّ بيئة أحسن لانتعاشها إن لم يكن الفساد نفسه وقد كرّسها على جميع الأصعدة والمستويات، للأسف؟
الجزائر الجديدة يجب أن تشهر سيف الحجّاج على الفساد والمفسدين، سيف لا يجب أن يعود إلى غمده حتى يجّز رؤوس الفساد ويقطع أيادي السرّاق. وهكذا فقط يرتدع كل من تسوّل لهم أنفسهم مد أيديهم إلى الملكية العامة، ولو كان منديلا ورقيا، لأن من تمتّد يده إلى بيضة ستمتد إلى بقرة بالسرقة – على حد تعبير المثل الفرنسي الشهير – حينها فقط ستزول مناطق الظل وبؤر التهميش وستصبح الجزائر في غنى عن استيراد قوتها.
تبقى أم المعارك – في اليوم العالمي لمكافحة الفساد هي استرجاع الأموال المنهوبة وإحالة من نهبوها على العدالة استكمالا لمسار قد بدأ، ولا يجب أن يتوقّف تحت أي ظرف، دون أن ينسينا ذلك أن البيروقراطية، التي تخنق الجزائر وتجهض كل محاولات نهضتها، هي كذلك من أبشع وجوه الفساد؟