كيف يمكن أن توضع حقوق الشعب الصحراوي في صفقة «مصلحية إيديولوجية» لإدارة منصرفة؟ الأمر في منطق الرئيس ترمب بسيط فكل شيء ممكن في عالم المصالح والأعمال. لكن كيف لبلد ظل يتغنى بأنه حامي حمى الحرية والديمقراطية والعمل من أجل انتصار حقوق الإنسان في كل المعمورة أن يبيع بموقف أهوج غير قانوني وغير أخلاقي، حقوق شعب لا علاقة له بالصفقات الأمريكية ولا علاقة له بالحسابات المصلحية خدمة للصهيونية العالمية وخدمة لحسابات أمريكية داخلية لضمان مواقف في إطار صراع داخلي أو في إطار حسابات مستقبلية أو أي حساب كان.
لم يطلب الشعب الصحراوي إلا الحق في تقرير مصيره وهو حق اعترفت له به منظمة الأمم المتحدة عبر قرارات كثيرة، بل واحتضنت الولايات المتحدة مفاوضات بين البوليساريو والمملكة المغربية كان أحد موضوعاتها تنظيم الاستفتاء وآلياته، بل كثيرا ما عينت الولايات المتحدة شخصيات أمريكية للسهر على الإعداد لهذا الاستفتاء وحفظ وقف إطلاق النار.
اليوم كيف يمكن لرئيس دولة عظمى، وهو من المحتمل جدا أن ينصرف، أن «يمنح» حقوق شعب هدية مقابل قرار سياسي للتطبيع مع الكيان الصهيوني؟ هل يمكن لدولة عظمى أن تجعل إدارة الشؤون الدولية تخضع لمنطق اللاقانون وتظل دولة عظمى؟ كيف يتعمد ترمب ضرب مصالح الشعب الفلسطيني ويمنح إسرائيل القدس والجولان هدايا وهل في ذلك مصلحة لدولته؟ قد يستفيد هو مصلحيا أو إيديولوجيا من قراره لكن مؤكد أن الولايات المتحدة لن تستفيد ولن يستفيد الحق والقانون، وبذلك يعلن ترمب وحلفاؤه في الصهيونية أن العلاقات الدولية هي غابة يفعل فيها الأقوياء ما يريدون !!
لقد سارت المملكة المغربية في طريق خطير، فهي ربطت بين ادعاءاتها في الصحراء الغربية وبين التطبيع مع إسرائيل، وفعلا فالكيان الإسرائيلي والمغرب هما الدولتان الوحيدتان في العالم اللتان لا تملكان حدودا ثابتة لدى الأمم المتحدة.
الفعل المغربي خاضع في الواقع لحسابات استراتيجية تتجاوزه وتخضعه لضغوط سوف تتزايد يوما بعد يوم فضلا عن كون فعله لا يحفظ للمنطقة استقرارها ولا يخدم مصالح شعوبها.
إن التيه الاستراتيجي للسلطات المغربية دخل منطقا خطيرا، فالحل في الصحراء الغربية طريقه واضح وهو استفتاء تقرير المصير وفق قرارات الأمم المتحدة، ولن تغير «تغريدات» ترمب من الوضع القانوني للصحراء الغربية شيئا، أما التحالف مع الصهيونية العالمية فهو يمنح السلطة المغربية سندا ظرفيا ويغرقها في متاهات سياسية داخلية ومتاهات استراتيجية على المستوى الإقليمي والدولي.