عندما انهزم نادي برشلونة قبل أيام بثلاثية نظيفة ضد «السيدة العجوز»، علّق البعض ساخرا يقول إنه لم يبق أمام الفريق الكتالوني في حال أوقعته القرعة أمام بيارن ميونيخ إلا الانسحاب بعد أقل من ربع ساعة من اللعب بحجة تلفّض بعضهم بعبارات عنصرية على طريقة الفريق التركي الذي انسحب أمام «البياسجي» للسبب نفسه واستحضارا للثمانية «المذلّة» ضمن رابطة أبطال أوربا الأخيرة.
ورغم أن الأمر مجرّد «مزحة سخيفة» أطلقها أنصار ريال مدريد وهي مجرد «كلمة حق أريد بها باطلا» إلا أن واقع الحال يؤكد أن هذه الظاهرة في اتساع مستمر وزادت انتشارا في زمن شبكات التواصل الاجتماعي التي ارتفع فيها صوت الجهل على حساب العقل والحكمة.
ورغم القوانين الردعية الصارمة، إلا أن العنصرية متواصلة بأشكال مختلفة، مرة باسم الدين ومرّات باسم العرق والوطن وباسم «محاربة العنصرية نفسها».
وفي زمن «الفضاء المفتوح» قد لا يعرف الكثير حكاية الفتى الكونغولي «أوتا بنغا»، الذي عاش في بدايات القرن العشرين ومات منتحرا أثناء الحرب العالمية الأولى عندما استحال عليه السفر إلى بلاده ليستعيد بعضا من إنسانيته المهدورة.
قال بعض «العلماء العنصريين» إنه بشكله الغريب يمثّل «الحلقة المفقودة» بين القرد والإنسان، ولهذا السبب لم يقتلوه مع بقية أهله في الغابة ونقلوه إلى الولايات المتحدة الأمريكية من أجل إجراء «تجارب علمية» عليه، وهناك تعرّض إلى أبشع ألوان التنكيل، حيث وضع في قفص للحيوانات وكان الناس يتفرجون عليه مقابل دفع المال.
لا مجال هنا للتفصيل في تلك المأساة، ولمن أراد ذلك عليه أن يكتب اسم «أوتا بنغا» ليقرأ المزيد ويقرأ السلام على هذه الإنسانية المزيّفة.
وبعد أكثر من قرن على تلك المأساة الموثّقة، مازال الإنسان المتشدّق بالتقدّم والحضارة والثقافة يهين زميله لمجرد اختلاف في اللون أو الشكل.
ولئن توصّل العلماء إلى لقاحات متعدّدة ضد فيروس كورونا، فلا أحد تمكن من إيجاد البلسم الشافي لهذا العار الذي يلاحق الإنسانية.