في الواقع مازال اللّبنانيّون المتعطّشون لانفراج أزمتهم، ينتظرون الكثير من الزّعماء السياسيّين للتعجيل بالإصلاحات الجذرية السياسية والاقتصادية وإحداث التحول الذي بات ضرورة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ومع بروز بوادر استقرار الوضعية الصحية عبر اقتراب طرح لقاح فيروس كورونا، يتطلّع الشعب اللبناني الذي عانى كثيرا في السابق وتضاعفت آلامه ومآسيه بعد تفجيرات مرفأ لبنان السوداء التي خلّفت ضحايا ودمار وذعر في النفوس، لتجاوز الكارثة بميلاد حكومة تكنوقراط، ذات أيادي نظيفة تسيّر المرحلة المقبلة لتجاوز الشلل واستئصال أي جذور للفساد.
مخاض عسير لتشكيل حكومة لبنانية، حيث لا يمكن لأحد أن يتنبّأ بموعد ميلادها حتى يلتف حولها الشعب اللبناني المتعطّش للاستقرار والتنمية، وبناء منظومة مؤسّساتية قوية تنهي معاناته الطويلة مع الحروب والفساد والمجهول المخيف، لكن دوما يكون هناك بصيص أمل وخيط رفيع من الضوء في نهاية النفق، تزيل موجة اليأس وتفتح آفاقا أرحب، يمكن للشعب اللبناني أن ينهي أزماته المتعدّدة والثقيلة، وزاد من حدّتها تأثيرات الوضع الأمني المعقّد بسوريا، وخاصة أن لبنان يواجه صعوبة في تسديد قرض ال 30 مليار دولار للاتحاد الأوروبي. ويضاف إلى ذلك تكلفة إصلاح الأضرار المباشرة التي خلّفها تفجير مرفأ بيروت، والتي حسب التقديرات تتراوح ما بين 3 و5 مليار دولار، ولا يمكن نسيان عبء الأضرار غير المباشرة.
تجاوز الانقسام وتوحيد الأهداف وعودة الثقة بين الفصائل السياسية لعبور صخرة الجمود التي تعطّل الحسم في الخلافات السياسية التي مازالت تؤجّل تبني السبل المؤدية للحل والوصول إلى مرحلة تجسيد الخطط الإصلاحية، بيد الزعماء السياسيين في لبنان، في وقت لم يعد التأخير في مصلحة بلد الأرز، لذا طي الخلاف السياسي وإنهاء الصراعات الداخلية، ومن ثم تبني بجدية المطالب الشعبية ومناقشة المبادرات الرامية إلى التغيير الجذري والانتقال إلى مسار أكثر شفافية وانسجام بين القوى السياسية لا بديل عنه.
إذا حذار من تراكم تداعيات الأزمات التي مازالت تعصف بلبنان الشقيق، وإن بدت الطريق طويلة لتحقيق تغيير إيجابي جذري، لكن تحقيق هذا الحلم مازال ممكنا ومتاحا وقريبا من أصحاب القرار.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.