هناك صورة قد لا يراها من يُركّز على التفاصيل اليومية، على كثرتها وتسارعها، ويبني عليها «تقييما» أو «صورة» ما، رغبة في تركيبها على ما يُريد رسمه على بلد قارة مثل الجزائر، ويُمني نفسه أنه يرى هذا البلد بهذا التركيز على «الجزء»، الذي يحاول البعض تعميمه على الكُل، مثلما تقول القاعدة الفقهية، التي لا يُمكنها بأي حال من الأحوال أن تصير قاعدة في السياسة، وما جاورها، من غايات في نفسيّ يعقوب وجاكوب..
من يُركز على جانب واحد، ولقطة واحدة، وفيديو من خمس دقائق، في بحور السياسة، تهرُبُ من عدسات عينيه اللاّصقة (التي تحب اللون الأزرق الفايسبوكي، يا للصدفة)، جبهة اجتماعية متماسكة لأسباب كثيرة، خصوصا في زمن كورونا، الذي زرع فيها روح تضامن، خارجة من لغاليغ شعب يؤمن أن أول نوفمبر قاعدة شعبية عميقة في الأنفس، قبل أن تكون بيانا سياسيا اتفق على ديباجته محمد بوضياف ومصطفى بن بولعيد وكريم بقاسم وغيرهم.. ولذلك وغيره، سيبقى التضامن سمة جزائرية، وماركة مسجلة، لا تشبه نظيراتها في بلدان أخرى تستعمل كلمة تضامن، لكن الصورة التي يترُكها التضامن الجزائري، لا شبيه لها في العالم، خصوصا عندما يجمعُ هذا التضامن المواطن والمعوز والفقير والطبيب والعسكري.. بخلفية ألوان محبة تتكرر في الصيف والشتاء، في حملات إعانة معوزين، وفتح طرق بمناطق معزولة، وحملات تلقيح ضد فيروسات موسمية وتاجية وأشياء أخرى عديدة..
من يركزون على صحة الرئيس، وبعضهم مُصابٌ بحول سياسي، أو لديهم أجندات معينة، لم يحجُبوا صورة أخرى موجودة، يراها بسطاء الجزائريين، الذين إذا اهتموا بأمر تابعوه وحاولوا فهمه وتكلموا فيه، وفي أحيان كثيرة يعاكسون ما سبق وروّج له الفضاء الأزرق، وهي أن مؤسسات الدولة قائمة تُنفّذ مهمات موكلة لها دستوريا، وما هي موجودة من أجله، من الوزارة الأولى إلى آخر بلدية، ومن رئاسة الجمهورية إلى هيئة أركان الجيش، وآخر جندي مرابط على الحدود..