يهتم العلماء كثيرا بإيجاد حلول علمية لأزمة المياه التي يعرفها كثير من سكان الأرض، فحتى الساعة تم إحصاء نحو 1.1 مليار نسمة حول العالم ليس لديهم مصدر من الماء العذب، كما يعاني 2.4 مليار من أمراض سببها المياه الفاسدة، وهي الأزمة التي من الممكن أن تزيد حدتها في المستقبل القريب، حسب كثير من التقارير العلمية.
لذا يعكف باحثون من اليابان والصين على جعل تقنية توليد البخار الشمسي المباشر (DSSG) لجمع الماء عبر استخدام حرارة الشمس ممكنة على أرض الواقع؛ لأنها تبدو من أنجع الحلول العلمية لإنتاج الماء بأقل تكلفة. وتعتمد هذه التقنية على التقاط حرارة الشمس التي يتم تحويلها إلى سائل ثم إلى بخار الماء، حتى يتسنى تصفيته وتحليته، ثم يتم تبريده وتحويله مرة ثانية إلى ماء يمكن استعماله للشرب والحاجات اليومية.
عراقيل على أرض الواقع
وحسب الدراسة -التي نشرت في دورية «مواد الطاقة الشمسية والخلايا الشمسية» (Solar Energy Materials and Solar Cells)، في عددها الفصلي الأخير حتى جانفي القادم؛ فإن هذه التقنية الطموحة والبسيطة تواجه عراقيل من أجل تطبيقها على أرض الواقع وجعلها تجارية.
ويعتقد العلماء أن البحوث العلمية الخاصة بتقنيات تحويل البخار إلى ماء بلغت من الناحية النظرية حدودها، وأنه يجب حاليا التوجه نحو تعميق البحوث التكنولوجية من أجل جعل الأجهزة المستعملة أكثر قوة ونجاعة في التقاط حرارة الشمس، والتقليل من تسرب هذه الحرارة؛ وبالتالي إنتاج أكبر قدر ممكن من المياه.
وقال البروفيسور لي مياو، وهو أحد المشاركين في الدراسة -في البيان الصحفي الصادر عن معهد شيبورا للتكنولوجيا باليابان (Shibaura Institute of Technology)- «هدفنا هو العمل على دراسة كل التقنيات التي تعتمد على البخار، وتحليلها للوقوف على نقائصها حتى نتمكن من تطوير تقنية توليد البخار الشمسي المباشر، وجعلها قابلة للتطبيق على أرض الواقع».
الشمس دائما هي المصدر
ويبدو -حسب ما جاء في البيان- أن كل هذه التقنيات ترتكز أساسا على التقاط حرارة الشمس، وهو ما يمكن أن يجعلها أكثر نجاعة في المناطق التي تسطع فيها الشمس ساعات كثيرة في اليوم، وإذا تمكن العلماء من جعلها أقل كلفة فإنها ستصبح مناسبة جدا للكثير من الدول ذات الدخل الضعيف، والتي تتمتع بسطوع شمسي جيد، كالدول العربية.
وتمكن الباحثون في وقت سابق من تطوير تقنية تسمى «نمط الاتصال المباشر»، التي سمحت بتقليل نسبة التسربات الحرارية وحصرها في مقدار 15% فقط. وتلتها بعد ذلك تقنية «نمط الاتصال غير المباشر»، التي أسهمت بدورها في تطوير تقنية أخرى أكثر نجاعة تسمى (1D Water path) «مسار مائي دي 1″، والتي حصرت التسربات الحرارية في 7%، ثم بعدها جاءت العديد من التقنيات الناجعة التي تعتمد أساسا على حرارة الشمس.
وحسب البيان الصحفي، فإن هناك العديد من التقنيات الأخرى التي يتعين على الباحثين حل مشاكلها، خاصة في ما يتعلق بضرورة التأقلم مع التقلبات الجوية الخارجية.
ومع ذلك، فإن الوتيرة التي يتقدم بها العمل على هذه التكنولوجيا تجعلها موضوعا يبعث على الأمل، حسب قول البروفيسور مياو إن «الطريق إلى التنفيذ العملي لتقنية توليد البخار الشمسي المباشر مليئة بالمشاكل، ولكن بالنظر إلى مزاياها، فإن هناك فرصة لتصبح أحد الحلول الرائدة لمشكلتنا المتنامية مع ندرة المياه العذبة».