أطل مؤخرا المبدع الشاب سعيد فتاحين على المشهد الثقافي بإصدار جديد عنوانه: «رجل سيء السمعة» وهو عبارة عن مجموعة قصصية صدرت عن دار «ضمة للنشر والتوزيع».
نال الإصدار «نقدا كبيرا في السودان»، كونه تطرق -بحسب صاحبه- إلى العديد من القضايا والإسقاطات عن الهوية، تجارة الرق، ذوي الاحتياجات الخاصة، والقضايا الكبرى في الوطن العربي، وهذا ما يفسره أكثر لنا من خلال هذا الحوار.
– «الشعب»: كيف جاءت فكرة إصدارك الجديد رجل سيء السمعة وإلى ماذا يتطرق؟
سعيد فتاحين: «رجل سيّء السّمعة» يخفي خلف كلماته –السّاخرة- سمعة جيّدة للغاية لرجل معتدّ بهويّته العربيّة أوّلاً وهويّته الجزائريّة ثانياً، إنّ فكرة المجموعة القصصية هي رحلة لانتصار الشّخصيات الهشة والمنبوذة، حيثُ أن بعض القصص تفتح أسئلة جوهرية بعالم سيء السمعة أو بالأحرى هي نواتج رؤيا وزاويا قصصية جديدة كان يجب أن نكتب عنها، حيثُ تم تناول التّفاصيل اليوميّة بإسقاط ترميزيّ وإيحاء بالعاديّة، ما هو إلاّ دعوة إلى استنهاضٍ للوعي المجتمعي، وتحفيز إلى اقتحام الواقع وتوديع الماضي بما له أو عليه… بما يشوبه أو يميّزه، ومن هنا جاءت فكرة كتابة رجل سيّء السّمعة، حيثُ تتقاسم حكايا القصص نظرة الجمهور إلى الأبطال كأنها نظرة معادية، فقط لأنهم يدافعون عن قضية إنسانية عادلة.
– يحاكي الكتاب الكثير من قضايا الساعة، هل يكتفي بتسليط الضوء على الأحداث والمشاكل أم يقدم بعضا من الحلول؟
إنّ القصص تفتح العشرات من الأسئلة، لكن الحلول هي في يد القارئ الذي يملك مفاتيح السفر والتأويل عبر النّص، بالعودة إلى بعض القصص كقصة منبوذ مثلاً فالغاية منها هي انتصار ذوي الاحتياجات الخاصة في النص، ولكن لها عدة تفسيرات حيثُ يمكن أن يكون بطل مدركا لأحوال القرية، وفي العديد من القصص تأتي الأزمات الاجتماعية النّفسية في رحلة تعرية الواقع ومحاولة تغييره، وعلى ضوء ما قيل في كتاب فن الرواية أو فن السرد بصفة عامة «لم تأت الرواية للإجابة عن الأسئلة»، وهكذا يأخذ بنا ميلان كونديرا إلى أن فك الشيفرات والإسقاط في يد القارئ الذي هو في رحلة البحث عن حلول وفق تكوين هويته والقراء التفاعلية مع النّص الذي يبث روحا جديدة، أو بالأحرى معنى المعنى، وقصص رجل سيّء السّمعة تتناول في مكنوناتها قضايا مصاحبة للذات في أشكال عدة كالهوية والإنتماء والهجرة والوطن وبعض الآفات الأخلاقية التي ولدت من رحم المجتمع.
– شارك الإصدار في كثير من المسابقات حتى قبل صدوره ورقيا .. كيف تلقفه النقاد ولجان التحكيم؟
شاركت المجموعة القصصية في جائزة طيب صالح العالمية، وكانت قد لاقت استحسان ورسائل نقدية إيجابية، على غرار القراءة النقدية من طرف الأستاذ مشعل العبادي، والعديد من النُقاد في العالم العربي، وقد فسر بعض النُقاد في الطرح النقدي أن قصص رجل سيّء السّمعة هي بمثابة خطوط روائية جديدة مفتوحة وهذا لنهايتها الغامضة، وأن اللغة المستعملة فيها تدل على كمية النضج السردي والوصفي داخلها، وأن التفاصيل الصغيرة كانت تدفع القصة دائماً للأمام.
– حدثنا عن وقع أزمة كورونا على موهبتك؟
لعلّ الوباء كان فرصة جيّدة للبث في مواضيع جديدة للكتابة كمجموعة قصصية جديدة ورواية أيضا، ولكن الفراغ الذي شكله الوباء فتح أسئلة جديدة، أو بالأحرى متغيرات زمنية تغير حركة الإنسان، وبالتالي يتغير خيال القاص إلى مواضيع مرتبطة مع الوضع الراهن، هنا نقول أن الجائحة ولدت شيء جديدا من الإغتراب والعزلة والتطرف إلى مواضيع حداثية جديدة كأزمة الصحة إلى ما غير ذلك، ولكن الكورونا أيضا أعادت القاص أو الروائي إلى مرحلة التّشتت خصوصا في ترويج أعماله والتّعاقد مع دار النّشر، وجدير الذكر أن هناك تخوف كبير من طرف الكاتب في أن نشر النص في زمن الجائحة هو مخاطرة وهذا مخافة أن النص لن يصل إلى كل القُراء والمتابعين بسبب تداعيات الجائحة، ولكن العزلة أيضا كانت جميلة بالنسبة لي من أجل القراءة وأيضا رسم جديد في الوصف حول تباعد الناس ومخلفات الوباء.
– متى سيكون «رجل سيء السمعة» في الأسواق؟
سوف يطرح رجل سيّء السّمعة بداية من الأسبوع القادم في متجر دار ضمة وبعض المكتبات، والهدف من الكتابة بالنسبة لي هي انتشار النّص دون شيء آخر.
– وما هو الجديد القادم؟
رواية «عودة اللامنتني» ستكون بحول الله تعالى العام القادم.