أسقط موقع فايسبوك ورقة التوت، بعدما كشف عن شبكة تعمل تحت وصاية وزارة الدفاع الفرنسية، بهدف التأثير على الرأي العام في 7 دول إفريقية، منها الجزائر، وتغيير توجهاته، والأخطر أن تلك الحسابات تستعمل – بحسب فايسبوك- شخصيات محلية معروفة؟
ما كشفه فايسبوك، الذي أعلن عن تفكيك مئات الحسابات لأشخاص يعملون تحت وصاية الجيش الفرنسي، ما هو إلاّ غيض من فيض، لأنّ عدد الشبكات والأشخاص الذين ينشطون في مواقع التواصل الاجتماعي، تحت وصاية وكالات استخباراتية أو جيوش نظامية أو بالتنسيق معهما، يعدون بالملايين وليس بالآلاف، وما كشفه فايسبوك ليس أكثر من قطرة في بحر.
نحن في زمن الحروب الإلكترونية، التي تكيّفت معها الجيوش النظامية العالمية، فاستحدثت كتائب لهذا الغرض، مثلها مثل المشاة، المدفعية والطيران.. إلخ. غير أنّ المهمة والوسائل تختلف، فهذه الأخيرة مكلّفة بشن حرب غير تقليدية، وما تطالعنا به التقارير الإعلامية عن آلاف الهجومات الإلكترونية المتبادلة بين بكين وواشنطن، تؤكّد أن هناك حروبا تدور رحاها يوميا دون ضجيج، أهدافها مؤسسات رسمية، إدارات عمومية وشركات اقتصادية ومالية كبرى وتتكبّد خسائر باهظة جرّاء حرب لا تكلّف الكثير، بل أحيانا لا يعرف حتى مصدرها ومنفذها؟.
الحقيقة الثابتة أن مواقع التواصل أصبحت أكبر مصنع للرأي العام على الإطلاق، حيث انتزعت من وسائل الإعلام – التي أصبحت توصف بالتقليدية – هذه المهمة التي تربّعت على عرشها سنوات طوال، مع اختلاف كبير في عامل التأثير بينهما، حيث أنه وبالكاد تنشر وسائل الإعلام «التقليدية» خبرا أو صورة، تكون مواقع التواصل الاجتماعي قد خاضت في حديث غيره؟
هذه القدرة الهائلة جعلتها الوسيلة المفضّلة للساهرين على مشاريع التدمير الذاتي وتحطيم معنويات الشعوب أو إشعال فتيل الاحتراب الداخلي. لهذا، من الخطأ الاعتقاد أن مواقع التواصل مجرّد فضاءات للتسلية والدردشة ونشر صور الأطباق المفضّلة في رمضان، بينما تكون أحيانا ساحات لحروب صامتة، علينا أن ننتبه لها، حتى لا نكون بيادقها دون أن نشعر؟.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.