مرّ عام كان حافلا بالمبادرات وبالقرارات، أعاد الكثير من الهيبة لمؤسسات الدولة وأعاد الكثير من الجدية لإدارة شؤون الدولة وأعاد الكثير من الأمل من الجزائريين لأنه أخرج البلاد، تلبية لمطالب الجزائريين في الحراك المبارك، من الانسداد ودفع بها في مسار جديد.
ينبغي علينا أن نتذكّر ونذكّر بحال البلاد قبل الحراك وخلال سنين بلغت عشريتين من التدهور، ينبغي أن نتذكر جيدا أن النفوذ كان يطغى على القانون وكان ذلك إهدارا لقيم كثيرة أهمها الحرية والقانون والأخلاق وكان الفساد يطغى على الصلاح وهو ما كان إهدارا لفرص كثيرة للخروج من التخلف والانحطاط.
اليوم، وسبق للرئيس تبون أن قال إن «العصابة» تعمل على العودة ولن نسمح لها بالعودة، وهو ما يعني أنه إن استمر طغيان أو حتى وجود قوى الإفساد والجمود والركود، فذلك سيكون إهدارا لعوامل التغيير الفاعلة وتأخيرا له واستمرارا لأوضاع خلفت الأزمات وزادتها تأزما.
إن استمرت المصالح في طغيانها على العواطف، فتلك طامة كبرى. فبلاد بلا عواطف وطنية وعواطف دينية وعواطف انتماء، تجعلنا مجرد «غاشي» يبحث عن مصالح في غابة من الفساد.
لقد بدأ مسار، منذ عام الآن، وهو في حاجة لكي يتعمق ويتجذر وينتج مزيدا من فرص كسر الجمود والركود وكسر كل محاولات تعطيل التغيير.
العملية ليست بسيطة وليست تقنية، إنها عملية تأسيس جديدة من غيرها تكثر المخاطر وتقوى على الإرادة الوطنية.
والإرادة الوطنية ليست مؤسساتية فقط، إذ ينبغي أن تكون اجتماعية سياسية بالكامل، لأنه من دون مشاركة كل القوى وكل الذكاء الوطني وكل الإرادات في تشكيل الإرادة الوطنية، قد تضعف هذه الأخيرة وتعجز عن أن توقف طغيان النفوذ على القانون وطغيان الركود على الديناميكية التي ينبغي أن تكبر وتوفر ما يسمح بتجسيد ما تبقى من المشروع الوطني.
عام واحد طبعا ليس كافيا أبدا للإتيان على ما تراكم من تدهور ومن فساد ومن قصور وتقصير ومن ثقافة اللاعقاب وثقافة النهب والتفاخر به وبتعطيل القانون، لهذا ينبغي أن يكون العام الثاني عاما سياسيا يعاد فيه بناء المؤسسات على أسس أخرى وعلى منطق آخر وأن تبنى علاقة أخرى للسلطة مع الجزائريين وعلاقة أخرى بين المؤسسات وأن يطغى القانون على كل نفوذ.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.