كان يمكن لأشد المتفائلين من المغاربة المتحمسين لخيارات نظامهم الملكي أن يدرك بدون أي مقدمات أن الحق الدولي لايسقط بتغريدة من زعيم أسقطته أصوات شعبه من سدة الرئاسة وأن الأنظمة الدولية والأمم المتحدة ذاتها لاتزال تدور في فلك الشرعية التي يستمر الإحتلال المغربي في الإلتفاف عليها.
وكان عليهم في ذات النسق أن يفكروا في المقدس الذي يستند عليه نظامهم الملكي في شرعيته، فالنسب الشريف والعترة النقية والأصل الملكي المبجل كابرا عن كابر وإمارة المؤمنين ورئاسة لجنة القدس الشريف وغيرها لم تجعل العلويين في غنى عن التمرغ في وحل التطبيع بإسم الشعار الزائف المتمثل في الوحدة الترابية التي تفككها أحداث التاريح والنضال ضد الإستعمار وإيمان الصحراويين بذاتيتهم المجردة عن إدعاءات الآخر.
يعرف تاريخيا أن إسقاط محمد الخامس من عرشه تلاه تحرك في كل الإتجاهات لنجله الحسن الثاني الذي تواصل مع قوى إمبريالية ومجموعات قايضت عودة أبيه للعرش مقابل إعتبارات أخرى تجلت مع الزمن، فهجرة اليهود من المغرب و التجسس على القمة العربية عام 1965 التي كشفت بشكل واضح للعدو الصهيوني القدرات العربية مما أكسبه الأفضلية في حربه الخاطفة عام 1967، وتصرف الحسن الثاني في ملف الجيش وغيرها في حياة أبيه وتوجه المغرب للمعسكر الغربي الإمبريالي عكست تماما عمق الولاء للإمبريالية ومجموعاتها الإيديلوجية.
ومن هنا لاينفصل التطبيع عن الخيانة والخضوع للأجندات الدولية في المنطقة المغاربية، فحل الملف الصحراوي واضح وسبق للجزائر بعد إطلاق مشروع المغرب العربي عام 1986 أن قدمت قصب السبق في تهدئة الأمور ودفع الصحراويين للحل الأفضل المتمثل في ديموقراطية الإستفتاء والإختيار وكانت مؤمنة بالشرعية الدولية في ملف تقرير المصير الصحراوي وفقا لمقررات الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي دون لف أو دوران بيد أن اليد العابثة سرعان ما إلتفت على كل شيء بمجرد أن دخلت الجزائر في أزمتها الأمنية ليحدث مايحدث الآن.
هاته اليد العابثة تواصل بيع الشرف علنا لتسوق لأكبر إنحراف وقعت فيه بمبررات تسقطها كل الحقائق فصاحب الحق لايحتاج لمحامي ثم إذا ذهبنا للمقدس الذي بني عليه العرش المغربي فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “لاتقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود”… وهي معجزة رسولية تبرهن صدق هذا الدين، فهؤلاء اليهود الذين كانوا شتاتا في الأرض أصبحت لهم دولة وسطوة في العالم وأصبحوا أصحاب حق مدعى في الأرض المباركة، فبهذا تسقط كل المبررات حتى ولو روج النظام المغربي للتسويق للحق الفلسطيني جنبا إلى جنب إلى” الحق” الصهيوني فهاته لعمري معادلة لايمكن أن تخلط الحق بالباطل و والظلم بالعدل.
مع كل هذا يتأكد بأنه على الشعوب التي ترزح تحت أنظمة محورية ومركزية يصنع قراراها أفراد لايحتكمون لإرادة شعوبهم ولا ثوابتهم ولاقواعد القانون الدولي ومنطلقاته أن تقرر مصيرها ومصير ثوابتها بشكل حاسم بعيدا عن حسابات جانبية تتخذ ذريعة لإركابهم قافلة الخيانة والخضوع، وفي هذا النسق يستحق كذلك أصحاب صفقة مقايضة الإحتلال بالإحتلال وهم أمام صفعة الأمم المتحدة بحتمية تقرير مصير الشعب الصحراوي وصفهم بأصحاب الفشل الذريع… في عار التطبيع.