بالكاد يمر شهر على الصفقة التي أبرمتها السلطات الفرنسية مع إحدى الجماعات الإرهابية في مالي لتستهدف هذه الأخيرة عساكر فرنسيين وتقتل ثلاثة منهم في انفجار لغم بعربتهم؟.
الصفقة التي تمت في 10 أكتوبر الماضي، لم تكتف فيها الجماعات الإرهابية بقبض المال مقابل رهائن فقط، ولكن مقايضتهم بمئات العناصر الإرهابية كانوا يقبعون في السجون بمالي وهذا بسبب التعاطي الغامض للسلطات الفرنسية، الذي فتح شهية تلك الجماعات للمطالبة بالمزيد، فبعدما أبرمت معهم صفقات سابقة تنازلت بموجبها ودفعت الأموال، ها هي تقدّم المزيد من التنازلات وتقايض رهائنها بإرهابيين، ليس من المستعبد أن يطالبوا في المرة القادمة باسترجاع الأسلحة والذخائر؟!
الدور المبهم، الذي تلعبه باريس في مالي، وفي كل منطقة الساحل، أصبح مصدر تهديد لاستقرار كل المنطقة وللجزائر تحديدا، لأنه من غير المعقول دعم صفوف الجماعات الإرهابية بمقاتلين مدرّبين ومتشبّعين بالفكر الإرهابي، مع تزويدهم بملايين اليوروهات، تم حجز مبلغ معتبر منها من طرف مفارز الجيش الوطني الشعبي في جيجل، بعد استغلال معلومات أدلى بها إرهابي. وقبل ذلك، وفي نفس التداعيات الخطيرة لصفقة 10 أكتوبر المبرمة بين السلطات الفرنسية والجماعات الإرهابية، تم إيقاف إرهابيين اثنين على حدودنا الغربية والجنوبية، أفلا يعتبر هذا الدور المريب الذي تلعبه باريس استهدافا مباشرا للجزائر؟!
إن سياسة المداهنة والمهادنة التي تنتهجها باريس، مثل تسمية إرهابيين مجرمين بـ»جهاديين» في إعلامها الرسمي، أو إبرام صفقات مشبوهة معهم، لن تشفع لها ولن تجعلها خارج دائرة الاستهداف، وما مقتل ثلاثة من عساكرها في مالي – بعد شهر واحد على آخر صفقة – إلا دليلا على ذلك؟ اللهم إلاّ إذا كانت لباريس مصلحة في استمرار الإرهاب في مالي وفي منطقة الساحل لتبرير وشرعنة وجودها العسكري ضمن خدمة متبادلة تشرعن بموجبها الجماعات الإرهابية جرائمها واعتداءاتها بمكافحة التواجد العسكري الفرنسي لنجد أنفسنا أمام حلقة مفرغة يغذي بموجبها كل طرف، الطرف الآخر؟!.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.